السبت، 30 مايو 2015

ولأُصنَع على عينِه -٣

في لحظات الانكسارِ والفرح، في لحظاتِ الفخرِ والخجل، وفي أوقات الجفاف والري، أنت لا تتركُ مخلوقاتِك وحدها.

حين تغشاني يا اللهُ الفرحَ بعدَ الترقبِّ وتعليقُ الأملِ بك، في آخرِ اللحظات كنتُ أربطُ روحي بك وأعقدها مليًا ثم أشدها فأتأكد من ثباتها وأعود أسبحُك عليها لئلا يصيبَها أيّ قاطع، كنتُ أمشي على حبلٍ لا أدري أهو آيل إلى التمزق أم الوثاق، لكن الأمر كان سيان ما دمتَ الله، وما دمتُ أؤمنُ وأحاولُ أن أحسنَ وأجاهد.

حين تغشاني الفرحُ ذاك اليومِ لم أستطعِ السجودَ لتحتضنني الأرض كما احتضنتي قبلَها يوم فرحي بلطفك، لم أستطع القولَ حتى، كنتُ أخبئ كلَّ شيءٍ وأقولُ سبحان الله وسبحان لطف الله، ألهمتَني ودفعتَني لأقولَ قولًا أحسبه سديدًا بك، وحين لفني الألم ظللت أقولُ سبحان الله وسبحان لطف الله.

أقولُ لنفسي دائمًا -يا الله- أن كوني كالصخرةِ تمامًا، تبدو صلبةً لا يكسرُها أي شيء، رغم أنها قد تكونُ مملوءة بالثغور من الداخل وهشة، لكن تلك الهشاشة لا يعلم عنها إلا الله، وما دمت الله، وما دام أحد لا يستطيع ملء تلك الثغور مهما حاولَ إصلاحًا وإحسانًا -ومحاولاتُه تجدي أحيانًا ولكنها لا تكونُ إلا بك وبلطفك-، فلماذا أضطر نفسي إلى إبراز ثغوري إن كان الأمرُ لا يجدي حقًا؟

لأنك الله رب الآلام المكتومةِ التي لا يستطيعُ أحدٌ استشعارَها ولا حتى اكتشافَها من تحاملِنا منقطعِ النظير، رب الجهاد العظيم الذي تجازيه بألطافك، ورب الرحمات المتتالية، لا ضيرَ إني إليك منقلبة وإنك صانعي على عينِك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق