السبت، 9 مايو 2015

لأُصنَع على عينِه.

أنا حينَ أكتبُ يا الله، لا أكتبُ إلا لأكفَّ عني شعورَ الحاجةِ إلى مواساةٍ، أعلمُ يقينًا أن لا مخفف إلّاك، وأعتقد أن الكتابة هي أقرب مدخل صدق إلى الحياة، وأدنى مخرج صدق من الأزمات.

كيف استكانت أمُّ موسى لك وتغلبت على كلِّ الهزائم والمخاوف بداخلِها لتلقي برضيعِها إلى حيث لا تعلم؟ أنى ربطتَ على قلبها؛ وبعثتَ ابنتَها برحمتِك تلقي على قلبِها بعضَ الظلِّ من لهيبِ ظهيرتِه؟ كيف كبر موسى وفي قلبِه متواكزان من شيعتِه ومن عدوه، وكيف قضى جهدَه أن يقضيَ على الذي من عدوِه حتى يغدو بك قويًا، وأنى أنَّ وضاقَ وظنّ أن لا ملجأ منك إلا إليك وهو يحاربُ كلَّ الظروفِ ليكونَ محسنًا، ليصلَ إليك، وكيف قدرتَ له من البلاءِ والعذابِ ألوانًا وأنت تقول :"ولتصنع على عيني"؛ ليكون هذا العذابُ الرحمةَ الكامنة فيه، ليكونَ قرصُ الدواءِ المثير للعذاب سببًا للشفاء من حيث لا يعلم إلّاك، وليكونَ موسى النبي الإنسان،

بعدَ أمدِ شقاء، قلتَ له: "إني أنا الله رب العالمين"، أَشعرَ بالسكينةِ التي لطالما كانت له حرزًا من الضعف؟ بالله كيف استجاب للقشعريرةِ التي تكونُ حينَ يجدُ الإنسانَ مرامَه بعدَ عناء، أو الرعشة عند اكتشافِ أن المرامَ كان معه منذ البداية في كلِّ تفاصيلِه يرحمُه في عمقِ تفاصيلِ العذابِ؟

إنسانٌ واجهَ حياةً صعبةً كموسى، كان من السهلِ عليه أن يستجيبَ في موقفٍ مخيفٍ كأن يوحى إليه أن يلقيَ عصاه في الظلمات لتستحيلَ إلى حيةٍ وتمسي يدَه بيضاءَ نقية، كان خائفًا لأنه إنسان، ولكنه كان قويًا لأنه مُصطَنَعٌ لله، لأنه وجدَ نفسَه في الشيء الذي صنع لأجله، ولأنه قضى عمرًا يجاهدُ في مقاومةِ بللِ عينيه وقلبِه والاستمساك به من الغرقِ، فما ضرَّ حينَها السباحُ البلل! 

حينَ أقرأُ عليها بكلِّ أمانٍ كلامَك، أوقنُ أكثرَ أنك لن تتركَني أعاني، لن تربطَ على قلبي لثوانٍ ثم تدعَه يقاسي الالتهابات وحيدًا، حين أتضرع إليك وأعيش أراك، أقسمُ بك أنك ستصنعني على عينِك ولا أبالي بعذابٍ فيك حلو، آمنت يا رب أنك صانعي على ما يليقُ بي، وأغمضت عينيّ واثقةً بقائدي إلى الأمان.

هناك 3 تعليقات:

  1. يا الله سُبحانك !
    ربّي احفظ مُزن و بارِك فيها~

    ردحذف
    الردود
    1. آمين آمين.
      أسعدُ إن عرفتك؟

      حذف
    2. متابعةٌ لكِ ومدوّنتكِ ")

      حتى إنْ أظهرتُ اسمي، لنْ تعلمي من أنا!
      فأنتِ لا تعرفينني شخصيّا ^^

      حذف