الاثنين، 22 سبتمبر 2014

حين أضع الحروف على النقاط.

قالت إستبرق:
"*تتنهد* .. إيه؟ متى كنّا بروحنا هنا آخر مرة؟ كم مرّ على أن ندخل هذه المساحة بدون أن ننظر نظرة شفقة على حروفنا المنسيّة؟ مرّ الكثير عليها على ما أظنّ.. في هذه الفترة خسرتُ الكثير من الأشخاص/ الأشياء.. وكسبتُ الكثير أيضًا.. في هذه الفترة مررتُ بمرحلة مخاضٍ فكريّ شديد ولم أخرج من ذلك المخاض بشيءٍ سوى الألم! كانت هذه السنة التي تركتُ فيها كتابة الأشياء الطويلة بمثابة تحوّل مسار لكثير من المبادئ والقواعد في حياتي.. كانت سنةً صعبة بما يكفي لأن أحبّ الحياة أقل مما كنت أحبها سابقًا .. لكنني لم أيأس، لازلت أكافح.. لازلت أرغم نفسي على أكل طعامٍ لم أفكر بأن آكله سابقًا فقط لأن “الحاجة” دعتني لذلك.. دعتني لأن أتخلى عن كرهي لذلك الطعام بدون سبب وأن أستشعر علاقة الاحتياج بيننا، و هذه العلاقة تتميز بأنها لا تستلزم الحبّ مطلقًا.
حين قررت أن أضع سماعتي وأن أكتب هنا.. قررت أيضًا أن لا أتوقف، وقررت أن أستجمع كل قواي كي لا أحذف ولا حرفٍ إلا في حالة الخطأ الإملائي، وها أنا الآن أتحمل مسؤولية قراراتي.
لو قلت لكم بأنني أرتجف الآن هل سوف تصدقونني؟ هل أرتجف من هواء المكيف البارد؟ أم من دموعي التي تنسكب وكأنني أرى حروفًا لي تُكتب لأول مرة؟ أم من تأثّري بكلمات أغنيتي المفضلة؟ .. لا أعلم.. المهم بأنني أرتجف.
لم أعلم مطلقًا أن الكتابة تسكنني عميقًا إلى هذه الدرجة. تسكنني لدرجة أنني في كلّ ليلة أقول لنفسي: “سأكتب عن يومي هذا غدًا”. لكنني لا أكتب، لأن قلمي يذوب بين أصابعي .. وحروفي تستكين.. وأنا أطلب النجدة، من يخرجني من مأساتي؟ لا أحد.. لم يكن هنالك من يعرف بأنني أتألم نتيجة عدم كتابتي أصلاً.. فقررت أن أتخلى عن الاستنجاد وأن أبدأ بإنقاذ نفسي.
ها أنا أطير، أطفأت المكيف حتى لا أرتجف، لكنني أستمر بالارتجاف.. لا بأس، يبدو بأن مشاعري لم تكفِها الحروف فقررت أن تتجسد على هيأة رجفة، هذا يريحني إن كانت لن تراودني مرة أخرى.
في عامي هذا، الذي كنت فيه بعيدة عن كل شيء ولم أكن قريبة سوى من سقف غرفتي، حدث الكثير.. 
...
إنها هي النقطة الأكبر التي أحدثت أكبر تحول في حياتي.. وفاته ، قربتني من حقيقة الموت أكثر، عن حقيقة الرحيل.. وهذا ماكنت أرجو أن أستوعبه بعد وقتٍ طويل.
لكن لا بأس، كل يوم ٍ أدعي بأن يقربني الله من الأعمال والصلوات التي تؤدي إلى الجنة، حتى أرى وجهه هناكَ مضيئًا ..حتى أغرس عيناه في قلبي كي لا يموت مرةً أخرى أبدًا ...

في هذا العام أيضًا كبرت أكثر، أصبحت أملك أصدقاء أكثر.. أحببت شخصًا ما أكثر.. فبما أنّ الحياة كانت تمضي كان لا بد لي أن أشرعَ بالركضِ ، لأسبقها..وأغيّر حياتي قبل أن تغيرها –هي- رغمًا عني. لهذا ، أنا كبرت أكثر.
حتى وإن استمر عنادي، أو استمرت ضحكتي الصاخبة التي تدل على طفولتي التي تكبر معي، لازلتُ أشعر بذلك الذي نضج بداخلي فجأة، وجعلني أنظر إلى وجهي في المرآة بثقةٍ لم أعتد عليها ، و سلّحني لكي أحارب النوائب بقوّةٍ عُظمى لم أشعر مثلها مطلقًا ..هذا مايجعلني أبتسم. ويجعلني أؤمن أكثر بأنّ الله يراقبني.. يدبّر خطواتي.. يحيطني بحفظهِ، ويصبر عليّ حين أخطِئ، ويغفر لي حينَ أتوب.. إن الله يجعلني أكبُر على أشيائي الصغيرة.. ليهبني أشياء أجمل.. إنّهُ الله، المُعطي الصّبور.. وأنا أحب الله."

______________

الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

ثرثرات لا تهمّكم ٣

كلهم تمنوا ورجوا ودعوا الله ألا يموتوا حتى نسترد القدس، ماتوا ومات أولادهم ولم نستردها، أخشى ألا يستجاب دعائي مثلهم وأن يكون ظن الناس بي أنني "محررة الأقصى" هباءً منبثًا .
كبرت اليوم فجأة، أو لعلي أقول أنني كل يوم أكبر وأشيخ وأقترب إلى الموت وأنا أضحك، ليتني أعمر الكون بفرح يذكر . لم أفعل كما فعلوا جميعًا أن نشروا تاريخ ميلادهم كي يعرفه الجميع، لا أدري لمَ لم أود ذلك، بل اكتفيت بمراقبة من سيتذكر أنني كبرت ومن لا يزال يراني طفلة . تذكر كثير من صديقاتي وأسعدنني حتى النخاع، كلهم يظنون بي أنني محررة الأقصى، تذكرت قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: يظن الناس بي خيرًا وإني لشر الخلق إن لم تعفُ عني .
عمومًا، كبرت عامًا وتغيرت أعوامًا، وكأن السنة التي مرت كانت سنين عجاف لا سنة مجردة ، علمتني هذه السنة كم أن العمر الحقيقي عمر العقل لا السنين، وأن الحقيقة هي حقيقة الروح لا الجسد البالي الخاوي، وأن الحياة أكثر من مجرد نداءات للتحرير والقوة، وأن السم الذي لا يميتني يقويني . أظن أنني أصبحت أكثر مسؤولية عن أي وقت مضى، أنا وحيدة أمي وأبي -حاليًا في المنزل- وعلى عاتقي عملهما والعمل على حلمي، على عاتقي أمة .
حلم أمي رحمة الله عليها الذي أكمل ٣ أعوام مؤخرًا على وشك أن يتحقق، أنا أثق أنها في مكان ما فخورة بي!
كبرت وأوشك أن أموت ، صحيح أنني تحملت مسؤولية أعظم وألقيت على عاتقي أحمال أثقل بكثير، ولكنني ما أظنني فعلت شيئًا يستحق أن يذكر حين يسألني الله عن عمري فيمَ أفنيته . اهدِني لعمر أقوم وأكثر إزهارًا يا رب . 💗

ثرثرات لا تهمّكم ٣

كلهم تمنوا ورجوا ودعوا الله ألا يموتوا حتى نسترد القدس، ماتوا ومات أولادهم ولم نستردها، أخشى ألا يستجاب دعائي مثلهم وأن يكون ظن الناس بي أنني "محررة الأقصى" هباءً منبثًا .
كبرت اليوم فجأة، أو لعلي أقول أنني كل يوم أكبر وأشيخ وأقترب إلى الموت وأنا أضحك، ليتني أعمر الكون بفرح يذكر . لم أفعل كما فعلوا جميعًا أن نشروا تاريخ ميلادهم كي يعرفه الجميع، لا أدري لمَ لم أود ذلك، بل اكتفيت بمراقبة من سيتذكر أنني كبرت ومن لا يزال يراني طفلة . تذكر كثير من صديقاتي وأسعدنني حتى النخاع، كلهم يظنون بي أنني محررة الأقصى، تذكرت قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: يظن الناس بي خيرًا وإني لشر الخلق إن لم تعفُ عني .
عمومًا، كبرت عامًا وتغيرت أعوامًا، وكأن السنة التي مرت كانت سنين عجاف لا سنة مجردة ، علمتني هذه السنة كم أن العمر الحقيقي عمر العقل لا السنين، وأن الحقيقة هي حقيقة الروح لا الجسد البالي الخاوي، وأن الحياة أكثر من مجرد نداءات للتحرير والقوة، وأن السم الذي لا يميتني يقويني . أظن أنني أصبحت أكثر مسؤولية عن أي وقت مضى، أنا وحيدة أمي وأبي -حاليًا في المنزل- وعلى عاتقي عملهما والعمل على حلمي، على عاتقي أمة .
حلم أمي رحمة الله عليها الذي أكمل ٣ أعوام مؤخرًا على وشك أن يتحقق، أنا أثق أنها في مكان ما فخورة بي!
كبرت وأوشك أن أموت ، صحيح أنني تحملت مسؤولية أعظم وألقيت على عاتقي أحمال أثقل بكثير، ولكنني ما أظنني فعلت شيئًا يستحق أن يذكر حين يسألني الله عن عمري فيمَ أفنيته . اهدِني لعمر أقوم وأكثر إزهارًا يا رب . 💗

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

ثرثرات لا تهمكم ٢

بعد فترة كان فيها إلزامًا ألا أكتب، قررت أن أزيح المشبك العالق في أنفي وفمي ؛ لأتنفس .
أنا طفلة قررت أن تكتب لأنها تحب أن تكتب، لا لأنها تعرف عمَّ تتحدث وإلى من توجه حديثها!

 عمومًا ، زواج إخوتي الثلاثة في وقت واحد واشتغالي بفوضى إعدادات الزواجات يجعلني أتفكر عميقًا، هل سيتزوجون لينجبوا ثم يوبخوا أولادهم ويتعبوا في الإنفاق عليهم ثم يكبروا وينفقوا هم عليهم ثم يموتون فحسب؟ أم سيكون أحد ذراريهم من سيشعل في العالم أنواره بفكرة وعقيدة؟ هل سيذهب تعب إعداد الزواجات سدى؟ هل يعلم الله مني إخلاصًا ونية حتى يخرج من أصلابهم من يزهر الأرض ويعمرها؟ أم سخافات الدنيا تطغى عليَّ فلا أدري كيف أو ماذا أنوي ولا أتصرف! عمومًا فرحي في زواجات إخوتي كان فرحًا مفرطًا، تراكضي وجنوني وحتى الأغاني والطرب كان فرحًا بجرعة زائدة استعدادًا لما سيواجهنا من ألم جهاد عام كامل، ربما الرقص كان إعلانًا عن فرح أمل بتجاهل كل ما سألقاه مما يسوءني، كلهم لا يعلمون سر انتشائي وجنوني، "لا يعلم أحد شعورنا تمامًا إلا الله" .
إغلاقهم جميعًا لهواتفهم وتجربة العيش في عالم نتن لوحدنا حقًا مزرية ، استشعار معية الله وحده فحسب هو ما يجعلنا نتنفس . أسوأ ما في التجربة هو محاولتي أن أجمِّل ذاك العالم في عينيّ لأعيش، وكيف سأثور وأغيره ما لم أرَه بسوئه القذر؟ أنا حقًا لم أعد أدري كيف أوفّق بين بقائي حية والمحافظة على النظرة الواقعية لبيئتي بالغة السوء ! أمامي مشوار طويل يجب عليّ أن أبقى فيه حية بكامل كياني، أمامي حلم كبير لأحققه .
أستطيع أن أستشعر الآن حجم النعمات التي تتهاطل عليّ كل حين، على ذكر النعم، نعمة عظيمة أنك تستطيع أن ترى شخصًا جيدًا كل يوم -ولو على بُعد- ، ربما من شكر النعمة أن تقترب منه وتكون صديقه، أو على أقل تقدير تحادثه كل يوم ! حسنًا إن كنت لا تريد ذلك فلا بأس، ولكن رؤيتك لذاك الإنسان بحد ذاته نعمة عظمى! أن تراه يشابهك في نفعك وبعدك عن السوء، أن يملك إيمانًا يشابهك، وعقلًا قريبًا إلى الفطرة والفكر السليم، أن تراه يتصرف كإنسان بمعنى إنسانيته، أو كخليفة في الأرض، خذ كلامي وأنا أختك، هذه أعظم نعمة . كنت أقدسها ولكن كأنني فقدتها بغيابهم .
بينما كنت أحادثها عن هذا الموضوع، كنت أبالغ في تقديس الأشخاص الجيدين حولها وتحريضها على أن تكون صديقتهم، أدركت بعدها أن تحريضي المبالغ فيه غباء، ربما لأنني أحمل فوق كاهلي ثلاثة عشر روحًا من أبناء إخوتي، ليس علي من طعامهم ولا شرابهم ولا لباسهم ولا معيشتهم من شيء، ولكن ما داموا في البيئة النتنة ذاتها، أو مستنقع الوحل الذي أحاول ألا أغوص فيه، إذن عليّ أن أنتشلهم بقوة مما نحن فيه، بصفتي أكبرهم وعمتهم -وخالتهم أحيانًا-، المهمة جدًا صعبة بحق، كونك غريبًا ربما يُحتَمَل، لكن محافظتك على ثلاثة عشر روح في غربة؟ صعب. وأوقن أنه ليس مستحيلًا بإذن الله . 
وصاياي لابن أختي الذي يصغرني بعامين أدرك تمامًا أنها بالغة الصعوبة في التنفيذ، وأدرك حجم الثقل الملقى على كاهله، أتيقن أنها ستربيه وتقويه، أرجو أن تكون حقًا كما أوقن لا أن تكون سبب هلاكه، في الحقيقة لو كان بيدي لحملت كل الثقل عن الثلاثة عشر ولا أبالي، لكن يجب عليهم أن تعلمهم الحياة، وكما أقول لعيسى : "دائمًا الغرباء هم الذين يصبحون عظماء، طوبى للغرباء 💗 :") " .
واقعنا الكئيب عامةً وواقع استحمار الطلاب في بعض مناهج المدارس خاصةً يجعلني أشمئز وتضيق علي نفسي، أنا أدرك أن هذا الضيق ذاته سيغير العالم -بإذن الله-، لكن لا أدري لمَ أنا حزينة عجولة كثيرة الشكوى! أوقن أن غدًا أجمل بإذن الله .