الاثنين، 31 مارس 2014

الصديق الحميم الحقيقي!


"أنا منذُ افتقدت الصديق الذي حينَ أقول له: (ضائقٌ صدري) 
يبادرني السؤال: صليت؟ 
ولا أحد يذكرني أن أفعل، أعرفُ أني سأبعث وحدي، سأقفُ بينَ يدي الله للحساب وحدي؛
 لكني لا زلتُ بحاجة للصديق الذي يذكرني بالله كلما غفلت.

 الأصدقاء الآن كلما قلتُ (ضائقٌ صدري) بادروا بمدّ الذراع، أو ببعثِ أيقونةِ عناق الكترونية، وآخر مايفعلون أن يوجهوني للصلاة أو للقرآن.

. متى ما قدمنا قدراتنا على قدرات الله، ضِعنا .. تُهنا .. تشتتنا!

 من قال أن عناقكَ وحده كافٍ لفضّ الحزن عن قلبي؟ 

ثم إنه لو فعل، هل يمكنني إيقاظكَ من عمقِ نومكَ ذات مساءٍ حزين لأقول لك: أنا حزين .. تعال عانقني! 
وهل كنتَ ستفعل حقًا لو صار هذا؟
 لو كنتُ أبعِدُ عنكَ كيلومترات كثيرة، هل ستقطعها من أجل أن تعانقني؟
 لن تفعل؛ 
ليسَ لأنك لا ترغب، لكنك عاجز ..
 وأؤمن أنا بهذا وتؤمن به. 

بيدَ أنكَ لو دعوتني للصلاة، لو أنكَ تبعثُ لي صندوقَ هدية ترفقُ معه رسالة: هذا ما أستطيع أن أدعوك له حينَ حزنك .. ثم أفتحه .. وَ أجد [سجادة صلاة]! 

كم سيكون حميميًا هذا؟ وكم سنكونُ صادقين حين نرغبُ بالجنةِ معًا!"


*ليست من كتابتي، استقصيت ولم أجد اسم كاتبها، إنما أعجبتني ووضعتها.
~ إهداء إلى اللاتي أعانقهن في كل حين بدعوات، إلى صديقاتي اللاتي قليل عليهن لفظ أخوات، إلى اللاتي لا أستطيع مجازاة جمالهن وجميلهن وحسنهن إلا بدعوات من صميم الفؤاد، وإلى اللاتي بعدت بيننا المسافات لكنني لا زلت أحتضنهن في كل حين بلا تفريط!
وإهداء خاص (وهو ما غاص في وجداني وحملني على أن أضع هذه التدوينة الآن) إلى التي تعاقبني وتخاصمني وتأبى الحديث معي رغم قلقها علي؛ لأنني أخذت على نفسي وعليها عهدًا بألا أترك طاعة كنا نتعاهدها ونترافق فيها وكنت التي حثثتها عليها، ومرت علي فترة لم أفعلها، أستغفر الله أولًا، ثم أقول أني أحبها في ربها ولربها ولا أستطيع الحديث عنها أو رد جميلها بأي شكل من الأشكال سوى أن أحكي لله عنها كثيرًا، يا رب اجعلها أجمل الحور وأكثرهن فتنة في الفردوس :")
أحدهن تلك التي ازدحمت الأصوات والأماكن، وكنت لا أريد النوم رغم حاجتي الماسة إليه، رأت في وجهي تعبي وجلست بجانبي، ثم لم أجد نفسي إلا متكورة نائمة في حضنها، وبعدها استيقظت لأرى الأمة كل في حديثه وشغله، وهي لا زالت بالوضعية نفسها لكي لا تؤذي نومي، وقد مرت أكثر من ساعتين ورجلاها تؤلمانها أشد الألم ولكنها لم تتحرك لأني نائمة! وأخرى تذكرني مرارًا بالله، وحين ينهكني المرض تظل بجانبي تضع يدها على جسدي وتتلو بصوتها العذب آيات ربي من الرقى وغيرها، وأخرى ترسل لي كل يوم سلامًا عميقًا مع أخواتها الصغار، وأخرى تمسك بيديّ  إلى الصلاة وهي تعلم أنني في حال سيئة، وأخريات لا أستطيع الحديث عنهن، فرذوسًا يسع جمالهن يا الله! 

الأحد، 30 مارس 2014

هذه أنا، فاختر من أنت!


اليوم سأتحدث عن نفسي، أعوذ بالله من أنا، ولكن لعلكم تعرفونني إذا انقلبتم إلى متنفسي!
أنا أكثر بنات أبي إتعابًا له! ربما لو أخلص حقًا سأكون سببًا كافيًا لدخوله الجنة! لا أقصد إتعابه ولا يهون علي وأتضايق حين أراني أتعبه، لكنني منذ صغري طفلة مشاغبة لأقصى حد، وكل من عاشرني منذ صغري إلى الآن ربما لا يصدق أنني أنا، أو إذا سمع عن حكاياتي، أكرر دومًا على مسامع صديقة الطفولة وصديقي (ابن أخي) أنني لا أود رؤية أي من الأولاد الذين كانوا معي في طفولتي، لأنني متأكدة أنني وضعت فيهم بصمة من شغبي فكانت كل هذه البصمات صنعت ماضيّ الأسود مع الذكور خاصةً! قد لا تريدون معرفة التفاصيل بشأن جنوني وشغبي، دعوها مستورة!
كبرت ولا زلت طفلة، أنا سعيدة أنني منذ نيف عام أصبحت ذات شخصيات عدة، يسعدني ذلك حقًا وأحبه!
الشخصية الأولى: شخصية مزنة الرزينة العاقلة الهادئة في المدرسة، لم يصنع هذه الشخصية سوى حكم الاختلاط، والغربة، وغيرها من الأسباب التي يعلمها الله، قد يرى بعضهم هذه الشخصية متعنتة انطوائية، لكن الله يعلم أنني قد لا أكون اجتماعية بالقدر السابق، ولكنني لا زلت أبتسم وأسلم على من أعرف ولا أعرف! هذا الهدوء لا يمنع طفرات جنونية في وسط البنات تطرأ علي فجأة! كيوم الأربعاء حين كنت رأس البلية وقت نزول المطر فحين خرجت البنات كلهن إلى الخارج تحت المطر، جاءت إحدى الأستاذات تزجرهن وتدخلهن، فكنت آخر من يدخل فتفاجأت وقالت: حتى أنتِ مزنة؟! ولم تعلم بأنني أول من ركضت إلى الخارج للاستمتاع تحت المطر  وشجعت البنات للخروج :P ، ومواقف أخرى كثيرة كتلك التي تحدث حين أجلس في كرسي مكتب بعجلات، وأسحب واحدة من البنات لتدفعني بقوة في الممر بسرعة عالية وأنا أضحك بنشوة والأستاذات يتجنن من الصراخ علي! وغيرها من المواقف الجنونية التي تسعد فيها البنات لأن مزنة العاقلة المثالية معهن، إذن لا بأس!
الشخصية الثانية: شخصية مزنة المرحة في البيت ومع الصديقات والأهل والمجتمع، في البيت آخذ راحتي وأفعل ما يحلو لي، وبحكم كوني الأصغر في بيتنا إذن فبيتنا يغلبه الهدوء، وما إن أسأم الهدوء حتى أفعل شيئًا يكسر حاجز الصمت، كأن أجهر بتلاوتي بصوت عالٍ، أو أشغل نشيدًا أحبه وأرفع الصوت إلى أقصى مدى وأغني معه، هذا إن لم تكن أخواتي في المنزل، أما إذا كن موجودات فربما قضية أو موضوع واحد يفي بالغرض لنفتح باب الحديث لساعات وننتقل من موضوع إلى آخر، أو اختبار صبر أختي بحركات تغيظها، كأن ألح عليها بشيء أو أماطلها وهي في أشد انشغالها وتركيزها، أو قد أكتفي بأن أصنع السعادة في نفوس أخواتي بإعداد شيء يحببنه. أحب جدًا حضور الحفلات والمناسبات الاجتماعية والدورات والمحاضرات، أستمتع باللقاءات والتنفيس عن الذات ولبس أجمل ملابسي وأكثرها أناقة ووضع ما يحلو لي في التجمعات النسائية، هكذا أنا عند صديقاتي وأهلي ومجتمعي القريب.
الشخصية الثالثة: شخصية مزنة الطفلة، في الحقيقة هذه الشخصية هي موجودة في كل حالاتي وأينما كنت، لكن تأتيها حالات تبرز فيها أكثر وتظهر، فهي دفينة في مزنة الرزينة، وهي موجودة لا شك في مزنة المرحة، ولكن ظهورها ووضوحها كالشمس حين أكون مع إخوتي الكبار وأبنائهم، وقد تظهر أحيانًا عندما أقابل أي طفل (إن كان المكان والجو ملائمًا)، ينصدم كل يوم أكثر أبناء إخوتي الصغار حين يرون طفولة عمتهم أو خالتهم التي ليست لها علاقة البتة في شخصيتها في الخارج! فعلى سبيل المثال: كان ابن أخي علي متفاجئًا جدًا حين رأى طفولتي في الحديقة حين كانت خاوية ولا أحد يستطيع رؤيتي، وتتفاجأ ابنة أخي ريا (في ربيعها الرابع) حين ترى تصرفاتي في بيت أخي، حتى أنها في المدرسة تذكرني بما كنت أفعل وتقول: لمَ أنتِ هادئة هكذا؟! وأما عن صديقي لقمان (ابن أخي في نفس سني) فحدث ولا حرج، أقول دومًا لأختي أن أكثر إنسان يتحملني بطفولتي وطيشي وتنفيسي عن نفسي هو لقمان!

شخصيتك: هي الخصائص التي تميزك عن غيرك وتحكم أسلوب حياتك، فاختر من أنت!
بيئتك ومن حولك وتصرفاتهم تحكم سلوكك، فحكّم عقلك وعش سعيدًا في حدود شرع ربك واستمتع، وقلد فاعلي الخير، ولكن لا تكن إمعة! ☻

الأربعاء، 26 مارس 2014

جَمَاعَة فِي شَتَات!

تلاحم المصلين يشعرني بشيء عجيب! اليوم الذي لا أمر أو أسمع فيه جماعةً يصلون يوم كئيب، أشعر أن الكون كله يقول للمصلين سيحوا حيث تشاؤون، الأرض مفروشة طوعًا لكم! في وقوفهم عزة، في ركوعهم كأنهم بنيان مرصوص، في سجودهم تحتضنهم الأرض لأنهم انضموا إلى ركب المسبحين وساروا مع الكون السعيد!
إيه كم تضيق ممرات الكون كله بي وبداخلي زحمات بكاء، ثم ما إن أرى المصلين حتى أنتشي سعيدة لا أحد مثلي، صلاتهم تشعرني أن لا تحزني، قد جعل ربك معك أحدًا، وتصرخ بي: ما دام هؤلاء يصلون في وسط اللاهين وينصبون، أتشكين أن أمتك ستعود بقوة وينصرها الله؟ أتشكين -إن كانت صلاتهم خاشعة- أنهم سيفتحون القدس معك؟!
لا شيء يغضبني ويحزنني من أبناء إخوتي كما يحزنني حين يتأخرون عن الجماعة، أود لو أقول لهم تأخروا عن كل شيء إلا الصلاة! أتتأخرون عن الحياة ثم تطلبون المدد من الله؟!
أفتقد حقًا كوني أنثى لا تجب علي الصلاة جماعة ذاك الشعور، أنتشي فرحًا حين يذكر أحدهم صلاة الجماعة، ولا أستطيع وصف شعور حين نخرج في رحلة إلى البر، فيصلي بنا أبي جماعة، وحين رجوت ابن أخي وصديقي أن يصلي بي ذات يوم حين كنا متعبين وصحى لتوه من نومه، وددت لو أقول له: لا تعلم كم تعني لي إمامتك وصلاتك بي، لو تعلمها لشققت الطرق كل صلاة لتأبى إلا أن تصلي بي! وعن صلاة الرفيقات جماعةً؟ وعن صلاة التراويح الرمضانية ذات الروحانيات التي لا أستطيع وصفها، أو لا يحيط بها ثمان وعشرون حرفًا، فقط أرجو من معشر الرجال رجاءً خاصًا أن يستشعروا ما أشعر به اتجاه الجماعة، أرجو حقًا أن تجتمع قلوب المسلمين كما تجتمع في صلاة الجماعة، إذن لسدنا العالم بلا منازع!
أسعدني أبي البارحة حين ذهبنا لبيت أخي فأذن فذهب الرجال للمسجد للصلاة، فعاد أبي متعجبًا، يقول: رأيت عددًا كبيرًا من الشباب الذين لم يبلغوا أو بلغوا لتوهم سن التكليف في المسجد، ومن شدة عجبي لقلة هذه المناظر في زمننا سألتهم: أعندكم درس أو اجتماع؟ قالوا: لا، أتينا للصلاة! إيه لو كانت حقًا قلوبهم صادقة، لقادونا بلا منافس!
أعترف أني سرحت اليوم في حصة الأحياء حين كانوا يذكرون من ضمن خصائص الماء (قوى التماسك والتلاصق)، وقالوا أن جزيئات الماء متماسكة لدرجة إن تبخر الماء من ورق الشجر سارعت جزيئات الماء في الساق لتحل محلها بالتماسك، وبما أن جزيئات الماء كلها متماسكة متلاصقة لا تنفصل، حين يرتفع الماء في الساق إلى الأوراق يرتفع كذا الماء في الجذور إلى الساق، وكل هذا يتم سراعًا لأنها لا تنفصل أبدًا، لم أكن معهم في الحصة، كنت أتذكر: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، أيطبق المسلمون بالله ما قيل؟ أولم يروا إلى إتقان الله في النبات، ألم يعقلوا أن كل ذلك لم يكن هباءً بل ليتفكروا! وما يذّكّر إلا أولو الألباب!

الجمعة، 21 مارس 2014

ضمان لسلامتها لا حد لحريتها!

أمشي وراءها وأنا لا أستطيع رفع عينيّ عنها، عباءتها -أو لباسها الذي قد أهين العباءة حين أسميه عباءة- الفاتنة مع حزامها، صوت كعبها الذي شد أذني وعيني، الخصلات الناعمة الخارجة من الحجاب، أو الحجاب الخارج من خصلات الشعر! وأخيرًا اللوحة الفنية الرائعة التي في وجهها، رغم أني لم أكن ألتفت وهي تمشي وأنا فتاة وجذبتني! فما بالها رضيت بأعين الإنس والجن تلهث وراءها؟ أيشعرها ذلك بالثقة بالنفس مثلًا؟ كنت أبتسم، لكنني كنت أشفق عليها! لا أظن الجمال يعني لفت الأنظار، ولا أظنه خلق لمن هب ودب!
امتناعي عن التجمل أمام الثقلين ليس تعنتًا ولا حرمانًا، إنه انقياد للعليم الحكيم، ثم إعمال فكر وعقل!
"• ضع نفسك أنك تمشي في مكانٍ ما فإذا بك
تقرأ لوحةً مكتوبٌ عليها (ممنوع التقدُّم - حقل ألغام)!
لن تجد في نفسك حقدًا على من وضع هذه اللوحة؛
لأنه قال لك ممنوع، بل ستشكره عليها!
ولن تفكر في أن هذه اللوحة قد حدَّت من حريتك،
بل ستفهمها أنها ضمان لسلامتك!
• وهكذا:
هناك فرق كبيرٌ بين من يفهم حدود الشرع على أنها تحدّ من حريته، وبين من يفهمها على أنها ضمانٌ لسلامته!
"وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ"!"

الخميس، 20 مارس 2014

أيها الطبيب!

"ذهبت إلى الطبيب أريه حالي
وهل يدري الطبيب بما جرى لي؟!"

سيدي الطبيب،
أنا لا أملك ما أشكو منه سوى لأني أريد حلًا، أنا لا أشتكي البرد أو الحمى أو الحصبة، أشتكي شيئًا أشد حرقة لا أدري بمَ يوصف،
قد تعلمه حين تراني أبتسم، ثم ما إن تأتيني النوبة حتى يخنقني شيء ما  فتختفي ابتسامتي وأود الهروب ويفتح في صمامات القلب ألف جرح وجرح، أشتكي يا سيدي الطبيب شيئًا لم أكن آلفه، ولكني ربما مع الأيام ألفته، أنا لا أزال لا أحبه ويؤذيني، ولكنني اضطررت إلى التأقلم معه، ولا إثم علينا فيما اضطررنا إليه غير باغين ولا عادين إن الله غفور رحيم،
سيدي، ربما أستطيع التوضيح أكثر، أكثر الحالات عنفًا هي التي تحدث حين أرى الناس قد تبرؤوا من دينهم وهم يضحكون، وهم في غمرة ساهون، لا أدري سيدي الطبيب أين ألبابهم التي تذكرهم -بأبسط شيء- بالنعم التي تلفهم وتحفهم حفًا! لا أدري سيدي كيف أمسوا يهرعون لعلاج بثرة على الوجه الفتان ويتناسون علاج القلوب التي تجمع عليها الكلس فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة، وكذا الصواعق التي ترسل عليهم فيجعلون أصابعهم في آذانهم حذر الموت، أليس من قلب صاحٍ؟ أود لو تنظر في أمرهم سيدي لعلهم يحتاجون إلى فحص سمع أو بصر أو تخطيط قلب..
سيدي الطبيب، أنا لا يثقلني قلبي وحده، أنا تثقلني قلوب أمة، وكيف أُلنا إلى الخراب بابتسامة وصورة على الصفحة الأولى في الجريدة الرسمية مع حضرة المسؤول، وهو لا يدري ولم يفكر أنه "مسؤول"!
سيدي الطبيب، سامحني أثقلتك بمعلوماتي، ولكن لدي شيء أخير إن أفادك فخذه وإن لم يكن فاركنه جانبًا، يا سيدي لدي شقيقتان، سرقتهما الجامعة منا وهي بريئة! وأنا يا سيدي انكببت أكثر على كتبي، فأصبحت أقل رغبةً في لقاء الناس بعدما كنت نجمة المجتمع، وأمسيت هادئة بعد أن كان بيتنا لا يهدأ أبدًا ويضج بفوضاي وفوضى شقيقتي، وتحية الليل حين تعود شقيقتي: (زارتنا البركة)، وكأن أختي عابر سبيل -في بيتنا- ستعود إلى مختطِفها بسعادة في الصباح الباكر، ليس ذلك كل ما عندي سيدي، بل بقي لي عام، وأخاف أن تختطفني الجامعة وأذهب بلا مرد، إذن من سيسعد أمي حينها؟
أنا أيها الطبيب أود لو تأخذ جزءًا من قلبي، أو إن كان خطر علي فخذ جزءًا من مشاعري فقط، ما أظن يثقلني غيره، ولكن ما أظن يسعدني غيره! أظن حكمة الأطباء قد تفيدني هنا!

"أتيتك يا طبيب على يقين
بأنك لست تملك ما ببالي!"

الثلاثاء، 18 مارس 2014

تجلده وتشاكيّ!

وحين أتذكر جدّي -شبيه الصحابة-* أعلم كم أنني أتشاكى ولا أملك من نفسي شيئًا!
جدي هو الذي حين أجريت له عملية في إحدى المرات ونهره الأطباء ألا يحاول أن يجلس، زاره بعض الناس فلم يستطع إلا أن يجلس احترامًا لهم، وجلس يحدثهم ويضحك بلا أن تبدو عليه ذرة ألم، حتى إذا ما أخذهم الحديث وأطالوا عليه، لم يدروا إلا بصراخ الممرضات حين رأين السرير الأبيض مكسو بالدم بسبب أن جرح العملية قد انفتح وهو جالس معهم، مع العلم أنه مصاب بالسكري وخطر عليه! ما حجم الألم الذي أخفاه وتجلد حتى يجلس معهم؟
إيه جدي! فقط أخاف من سؤال الله حين يسألني ماذا فعلت بأني حفيدتك**؟ أنا لا شيء أمامك يا صحابي العصر!
بالمناسبة: لقب "العيوز"*** الذي كان يطلقه علي أحبه جدًا! رحمه الله وجمعني به في فراديسه.

~

قُل لِلتّوجُع لَن تَقلّ عَزيمَتي
الصّبرُ زَادِي وَالجِنانُ هيَ الثّمَن


قُل للتَوجع إن أنَاخَ برَاحتيكَ
يَا سُلّمي نحوَ الجِنَان أحبّكَ!


إن أمرَض فمَا مرضَ اصطِبَاري
وإِن أحمَم فمَا حُمّ اعتِزَامِي!


_________________________
*هو الشيخ سعيد بن حمد بن سليمان الحارثي، الملقب بشبيه الصحابة رحمه الله.
**حفيدة أخيه، لكن ربما أقرب إليه من أخيه!
***العيوز بلهجتنا أهل القابل، حيث ينطقون الجيم ياءً، أصلها (العجوز)، وهو في الأصل لقب أطلقه علي خالي منذ صغري، لا زلت لا أعرف سببه لكني أحبه منهما!

الاثنين، 17 مارس 2014

أنا صغيرة جدًا!

كثير من صديقاتي المقربات يقلن لي أنهن لم يكن يعرفنني وحين كنا نلتقي لم يكن يحببن أو يتشجعن للتحدث إلي، ثم ما لبثن إلا أن أحبنني لكثرة ما يسمعن عني وعن حكاياتي من صديقاتي! ثم حين حدثنني أحبنني وندمن على نظرتهن إلي وامتناعهن عن الحديث معي من قبل، لا وبل يقلن أنهن ندمن على الزمن الذي مضى ولم يكنّ فيه صديقاتي!
لا أدري ماذا بربهن أنا كي يقال عني كل هذا، ولا أدري من أنا كي يحكى عني كثيرًا، وأتمنى طول عمري أن أكتشف ما الذي يدفعهن للحديث عني في كل شيء وذكري في كل جلسة وتمني لو أنني معهن! أنا أحبهن وأتمنى حقًا أن أكون معهن، لكن الله قدر لي البعد لأنه خير لي، أتساءل، أكل غائب يذكر بهذا الكم؟!
كثيرًا ما أراني مجرد طفلة تحب السعادة واللعب، تحب مصحفها حد الجنون، تتنفس الحروف بالقراءة والكتابة، تعيش لعشق الجنة ثم ليصل يُنع الإسلام إلى ما فوق السماء! أنا أمَة خطاءة جدًا، أستحي جدًا من الله لغباء تصرفاتي في بعض الأحيان معه، لو أن لسوء تصرفاتي على نفسي اتجاه ربي لون، لما رأيتم في جسدي ذرة بياض! لا أدري كيف يقولون أني عالم بياض وطهر، إيه لو يعلمون من أنا، إيه من أنا لولا ستر ربي!
حين يقولون أني عظيمة، أني قدوة، أنني شيء يذكر، حين يقولون أنني أتجاوز سني الفعلي بكثير، وحين يقول الكبار عني أنهم يغبطونني على فكري وفعلي وتوجهاتي، أنا لا أخفيكم أني أسعد، لكن ألطم وجه أفكاري بكل ما أوتيت من قوة، أذكرني بأنني لا شيء دون الله، وأنني ضعيفة يهوي بي نقص ذرة أكسجين، وأن الناس لو علموا ما بداخلي حقًا لما اكتفوا بنبذي، بل ربما يحرقوني حية!
الله لطيف بعباده، الله رب العالمين، الله عظيم جدًا جدًا، أحبه أكثر مما أحتاج لنبض قلبي الذي لا يحييه إلاه!
"ما من شيء أخوف علي من حسن ظن الناس بي، أشتهي أن أصيح بالناس: إنما أنا عبد خطاء!"

وها قد دخلت عامي السابع عشر القمري، إيه كم أكبر بسرعة وأقترب من القبر ولا زال قلبي بالدنيا يتمسك، لا أعرف كيف أضيع ثواني عمري بلا شيء يذكر، بل بلهث وراء زخرفات الدنيا! أود لو أمسكني وأهزني هزًا عنيفًا وأصرخ بوجهي أن ضعي عينيك على الجنة وكفى!
أمي، أنا كبيرة الآن، لكنني لا زلت كما كنت حين كنت ذات شهور حين كنتِ تنادينني "مُزُن" فأضحك من فؤاد فؤادي! لا زلت أضحك حين تنادينني به، ولكن لا أدري لمَ لم أعد أضحك كما كنت أضحك حينها! أوكلما كثر عمرنا قل ضحكنا على ما كان يبهجنا؟!
كبرت ولا زلت صغيرة أمامك ومقصرة حد الخجل، لا زلت صغيرتك التي حين تسدل شعرها وتأمرينها بربطه تذكرك بكل مواضيع الدنيا لئلا تفعل، وهي التي حين تطلبين منها كف اللعب تماطل حتى تمل وتكفه لوحدها، طفلتك لا زالت حين يعطيها أبوها ما لا تحب تتهرب وتخرج من الموقف بحذاقة! هي ذاتها التي حين يؤذيها شيء تبكي عندك حتى تهدئيها بأبسط كلمة فتسكن، وهي التي يؤذيها كل شيء فتصبر، حتى تصيبها نسمة تأتيك وتنفجر!
أنا كبرت لكنني لا زلت لم أكبر! لأنني لا زلت بالصغر ذاته أمام أهوال أمتي، أرجو أن يأتي اليوم الذي أكبر فيه لدرجة أني أستطيع احتضان أمتي كلها!





"و قد كبرت عينايّ و أصبحت الدُنيا حديثًا اكبر . 
 كَبِرتُ عامًا يا أُمي 
خِلسةٌ أُحدِقُ منّي إليّ،
 اتحسسُ تفاصيلُ وَجهي 
بِلطف اسحبُني
حين يُحادثني احَدهم بعُنفٍ يجعلُ القلب أشلاء ! 
كلمات تَحترق بداخلي
 أُحاول جاهِدة عِناقُها
 وإيجاد لها مَخرج قبل موتِها 
وقبل ان تتوه وسط عثرات الطريق المُكتظ بالضباب القاتم،
لِأحيا بعدها حياة تَصِلُني حيث المُراد،
 لِحُب الأشياء التي لم نُرزق بها،
للجنّة حتى لا يعترينيّ الآسى ولا يركد على وجنتيّ شئٌ من شَتات 
 لِننعم بعدها بِسُباتٍ عميق!

 كبرتُ عاماً يا أمتي 
كُل الوجع انتِ 
الذي يُمزقني و يُشتت ما تبقى منيّ
 لِاُدرك بعدها بإن كُل الأشياء
 تافِهه ، فاسدةٌ ، كاسِدة
  وأن كُل الاوجاع زائلة
إلا وَجع الأُمة وَوضعُها المُخزّي 
الذي انتكَس بِسبتنا . 
َ دعوني احتسي همّي ولا تسألوا عنّي
 وإن سكنتْ بيومٍ كلُّ أنفاسي  
عِديني ان لا تَبكي يا أمي ."**


***************
"تسقط سنة من عمري ليولد عمر جديد،
فهل أدوس أوراق عمري وأمضي؟
أم أجمعها في ألبوم أقداري؟
أتصفح الطفلة مني، والمراهقة،
والمرأة الناضجة،
ثم العجوز
وأوقع في أوله:
ابنة الفصول الأربعة، اختارها الخريف...!"



"لم أكبر يا أمي، فأنا ما زلت صغيرًا، وما ازددت طولًا عنكِ إلا لأطأطئ رأسي كلما أردت تقبيل رأسك."
*ناصر الناصر





"لم أكبر يا أمي،
أقسم عليك بالله؛ ألا تخرجي من وسادتي أي ليلة.
فإنهم مهما جلبوا لي ورق التواقيع،
وأقلام الهدايا..
ومهما تجعد صوتي بالسنوات
وأفسحوا لي مكانًا في المقاعد الأمامية والنفاق،
فوحدك من يفهم اشمئزازي،
أنتِ من يعرف جوعي ورمادي..
لأني صغيرك،
لأني لم أكبر يا أمي..
لم أكبر!"





"إنني أكبر، وأنفق جل وقتي كي أفهم الزمن، فلا أفهمه؛ لذا أشعر أنه عدوي الخفي الذي يضرب دون أن يكون باستطاعتي درء ضرباته عني. لا أعرف كيف يمضي؟ ولمَ يمضي؟ وكيف أننا نحيا فيه ونعجز عن أن ندركه كما ينبغي له؟ أهو شيء يمرنا ونمره، أم حال تعترينا؟ وإذا مضى فإلى أين يمضي؟ أين تذهب كل أعوامنا التي تغادرنا؟ أين تذهب؟ ولمَ لا يمكن أن نحتفظ بها في مكان ما كثيابنا وأشيائنا العتيقة؟ إنني أكبر، ويوجعني أن أتساءل طوال الوقت: أين تذهب الأيام الجميلة؟ كيف تبدأ؟ وكيف تجف كأن لم تغن بالأمس؟ وكيف يمضني الحنين إذ يعيدني إليها ولا يعيدها إلي؟ أحيانًا أمد يدي -في غمرة انفعالي- فأتحسسني كي أصدق أني ما زلت هنا، حتى وإن ذهبت أيامي الجميلة!"





"لا تكبر قبل وقتك، ولا تظل صغيرًا إلى الأبد! وحافظ على شيء من هذا (الطفل) في داخلك كي لا تفقد الطهر والبراءة."









"-كم عمرك؟
عمري بضعٌ من حكايا ثقال
عمري ليس له هوية 
مع أنني أعيش بواقعية
وأنا لا أعلم هل لا زلت في بداية إنسانيتي!"
*رَوَان






"الآن.. اكتشفت لماذا كلمة كم عمرك مؤلمة!
تعني كم إنجازك؟ كم عطاؤك؟
كم استفدت؟ كم أفدت؟
باختصار.. كم رصيدك في الآخرة!"
*ارتواء @Arwa444




"قالت: كم عمرك الآن؟
قلت: بضع ساعات.. أنا لا أحسب عمري كما يحسبه الناس بعدد السنوات.. فالأعمار يجب أن تحسب بالدقائق والساعات.. فأنا عشت بضع ساعات..
قالت: أليس من الظلم أن يظلم الإنسان عمره.. فيسقط منه ما لا يريد.. ويبقي فقط ما يحب وما يريد.. أين العدل.. هل يعيش ثلاثين عامًا ثم يقول أنه عاش مائة ساعة فقط؟
قلت: هناك فرق بين العمر الذي قضاه الإنسان حيًا على الأرض يأكل ويشرب ويشاهد التلفزيون، والعمر الذي عاشه الإنسان إحساسًا وشعورًا، إنني أحسب عمري يحجم الإحساس فيه. والإحساس هو الشيء الذي يفرق بين الإنسان والحيوان.. بل إنه يفرق بين إنسان وإنسان.."






"نحن كلما نكبر
تضيق بنا الحياة أكثر
ولا يعد لنا في هذا الفضاء متسع
فنشتاق للوطن
للجنة.. للحياة الحقة!"
*أطياف الماضي





"لو نسينا تواريخ ميلادنا فسيزيد إيماننا، لأننا عندها لن نربط الموت بتقدم العمر، وسنكون مستعدين له في أي وقت!"





"سأخبرك بمفارقة أتمنى أن تجد لها في عقلك مساحة للتدبر، ذلك أن كتاب التراجم والسير، كانوا وهم يتتبعون حياة العظماء يتوقفون عند أمر عجيب ذلك أن موعد الوفاة لهذا العظيم يكون معلومًا قلما يحدث فيه لبس، بينما تاريخ الميلاد يكون مجهولًا أو غير موثق بدقة في كثير من الأحيان، أحسبك عرفت السر!
نعم.. يوم الميلاد يكون يومًا عاديًا غير لافت للأنظار، لا يحفظه أحد، فقطعة اللحم التي دخلت بوابة الحياة للتو هي كملايين القطع، والروح التي استنشقت هواء الدنيا كغيرها من الأرواح، ومع دوران الحياة تتشكل قطعة اللحم، وتتكون معالم الشخصية، وتتحدد الملامح، حتى إذا ما كان موعد الوداع وقف العالم يودع العظماء إلى مثواهم الأخير حافرًا هذا اليوم الحزين في ذاكرة التاريخ.
ليس مهمًا متى ولد العظيم ولا كيف ولد، المهم متى مات وكيف مات، ذلك أن موته كان إعلانًا بأن الأرض فقدت جزءًا من خيرها وجمالها.
فإذا ما كان مقدمك للحياة لم يكن محاطًا بالأنوار والزينة، فلتجعل يوم وداعك بجللأرض يوم حزن للعالمين، يوم بهجة لك عند رب العالمين."
*عش عظيمًا/ كريم الشاذلي







"أتراهم يخشون علي الموت؟ وهل يتربص الموت بمن اعتلت صحته ويغفل عن السليم المعافى؟ وهل سهوت يومًا عن ذكره فتكفل المرض بذلك؟ لطالما أردد
قرب الرحيل إلى ديار الآخرة
فاجعل إلهي خير عمري آخره
آنس مبيتي في القبور ووحشتي
وارحم عظامي حين تغدو نخره
أحاول أن أتخفف من ثقل هذا الجسد لأحلق في رحاب الملكوت الأعلى، أطفئ ظمأ الروح إلى معين السعادة الأبدية.
هم يخافون على قلبي في الدنيا، وأنا أخاف عليه في الآخرة! هم يريدونه قويًا معافى، وأنا أريده سليمًا منيبًا! هم يحرصون عليه عضلة تتوقف عليها حياة هذا الجسد، وأنا أحرص أن يكون محرابًا بل حرمًا لله!"
*حين يرحل الغمام/ مي الحسني






"إن كان هناك شيء قد تعلمته في سنوات عمري القليلة على وجه البسيطة، فهو أنه لا يوجد طريق أصعب قد يسلكه المرء من ذلك الذي يؤدي إلى معرفة الحق!"






"ربما أكون قد تجاهلت في حياتي السابقة العديد من الأحداث اليومية هذه باعتبارها تافهة جدًا لألاحظها، أو أغفلتها في خضم قلقي الشديد بشأن الاستمرار فيما كنت أعتقد أنه النجاح.
ولكنني أدرك الآن أنني خلال عجلتي تلك نسيت جوهر الحياة الذي يوجد -بالنسبة لي- في أبسط الأشياء.
لقد اكتشفت في وقت متأخر جدًا من حياتي أن الثقة في قلبك هي السبيل الأعظم -والوحيد- للسعادة الحقيقية.
إن الاستماع إلى ما يهمك حقًا (وتقبل ما يمكنك التحكم فيه وما لا يمكنك التحكم فيه) هو ما يحدث الفارق."







"الحياة سفر، فكم من الناس يسأل نفسه لمَ السفر؟ وإلى أين الرحيل؟ كم منا من يسأل ما الحياة؟ ولماذا خلقنا؟ وإلامَ المصير؟
إننا نقطع الوقت من الصباح إلى المساء، في مشاغل نخترعها لننسى بها أنفسنا، ونبدد بها أعمارنا، من أحاديث تافهة، ومجالس فارغة، ومطالعات في كتب لا تنفع، أو نظرات في مجلات لا تفيد، فإن خلا أحدنا بنفسه، ثقلت عليه صحبة نفسه، وحاول الهرب منها، كأن نفسه عدو له لا يطيق مجالسته، فهو يضيق بها، ويفتش عما يشغله عنها، وكأن عمره عبء عليه، فهو يحاول أن يليقه عن عاتقه، وأن يتخلص منه
نفر من نفوسنا ونبدد أعمارنا، في لذائذ نتوهمها، ونسعى وراءها ولكنا لا ننالها."







"سنموت، ونحن لا نزال نطلب من الحياة: حياة!"








"عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود..
أما عندنا نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض..
إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهمًا، فتصور الحياة على هذا النحو، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا فليست الحياة بعد السنين، ولكنها بعداد المشاعر، وما يسميه (الواقعيون) في هذه الحالة (وهمًا) هو في (الواقع)، (حقيقة) أصح من كل حقائقهم.. لأن الحياة ليست شيئًا آخر غير شعور الإنسان بالحياة. جرد أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي ومتى أحس الإنسان شعورًا مضاعفًا بحياته، فقد عاش حياة مضاعفة فعلًا.."






"لا يمكن لحياة أن تستمر دون وجود مبرر لاستمرارها، والمبرر الأعظم هو أن تكون لك رسالة!"






أما تتأملين منذ كم تعدين نفسك، وتقولين: غدًا غدًا؟! فقد جاء الغد وصار يومًا، فكيفك وجدتِه؟ أما علمتِ أن الغد الذي جاء وصار يومًا، كان له حكم الأمس، لا بل ما تعجزين عنه اليوم فأنتِ غدًا عنه أعجز وأعجز!
فما لا يقدر عليه في الشباب لا يقدر عليه قط في المشيب، بل من العناء رياضة الهرم! ومن التعذيب تهذيب الذيب! والقضيب الرطب يقبل الانحناء، فإذا جف وطال عليه الزمان لم يقبل ذلك."







"لقد عرفت في حياتي الكثيرين من رجال الأعمال والحرب والعلم والفن والمال، فإذا سألت عن سر نجاحهم، فإني أعزوه بصفة عامة -لا إلى سمو وامتياز في ملكاتهم الطبيعية ولكن- إلى الفائدة التي تحصلوا عليها في شبابهم بالانتفاع من أوقات فراغهم التي كانت تسنح لهم بعد الانتهاء من أعمالهم اليومية، تلك الساعات التي يلقيها الآخرون في عرض الطريق أو يخصصها بعضهم للكسل والخمول.."
*د.أ.س.ماردن






"إنكم تعيشون أيامكم كلها للدنيا، تهتمون بها وتجمعون لها وتحرصون عليها، فاجعلوا هذه الساعات من هذا اليوم للآخرة؛ فرغوا قلوبكم لها نصف نهار."
*علي الطنطاوي







"إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحًا، ولكنه يعيش صغيرًا ويموت صغيرًا. فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير.. فما له والنوم؟ وما له والراحة؟ وما له والفراش الدافئ، والعيش الهدئ؟ والمتاع المريح؟! ولقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة الأمر وقدره، فقال لخديجة رضي الله عنها وهي تدعوه أن يطمئن وينام: "مضى عهد النوم يا خديحة"! أجل مضى عهد النوم وما عاد منذ اليوم إلا السهر والتعب والجهاد الطويل الشاق!"






"لم أكن كتابًا ولا زهرة توليب
لم أستحل يومًا إلى فراشة ولا حتى عصفور
لم أختبئ في صغري في غيمة
ولم أشاهد كيف تنزل أول قطرة مطر عن كثب!
لم يصطفيني الله لأعتني بقطة، والكائن الوحيد الذي امتلكته في صغري مات سريعًا من فرط إهمالي!
لم يصطفني الله لأكون نبيًا، ولا لفعل أي شيء غير اعتيادي، وامتحانات الجامعة عقبة كبيرة في طريقي!
عمومًا، لم أكن سوى شيء غير مُلاحظ..
باهت.. في طريق طويل!"
*هَالَة






"قلبي، مالك تنظر إلى الدنيا في كل عمل أقوم به؟ لا أكاد أقوم بعمل إلا ولمتاع الدنيا حظ فيه حتى بت أشك أني ما عملت عملًا خالصًا لوجه الله قط منذ أن خلقت!! أنقذني، ألا تعلم أن الرياء وحب الدنيا من الأسباب التي تجعل كل حسناتي هباءً منثورًا؟"
*خواطر شاب/ أحمد الشقيري



_______________________
**تدوينة (وقد كبرت عيناي وأصبحت الدنيا حديثًا أكبر) لرفيقة الروح المبدعة رَوَان، هنا متنفسها rawan-alrahbi.blogpot.com 

الثلاثاء، 11 مارس 2014

سَعَادة!

مبهج شعورنا أن كل آية انقطعت عندها أنفاسنا وتلك اللحظات الني كدنا نموت فيها تعبًا ولكننا تشبثنا بالقرآن وضممناه إلى صدورنا وجاهدنا لنرتله، وتلك الأشياء التي تخلينا عنها والعالم الذي انقطعنا عنه، وحتى أمي التي تصبر علي كثيرًا لتقصيري المخجل في حقها من أجل القرآن، عظيم شعورنا أننا سنتوج بعد كل هذا التعب في الجنة، وأننا سنحتاج لها يومًا أكثر من حاجتنا لأنفاسنا، وأن الآيات التي أخذت منا جهدًا ستخاللنا في قبورنا وتحتضننا في حين نحتاج لأتفه نفس، وأن أمي التي تصبر علي صبرًا مرًا ستسعد وتنسى كل شيء حين ألبسها تاج الوقار في اليوم الذي تود لو أنها لم تلدني ولا تعرفني! وأن أبي لن يتذكر بعد لبسه التاج معاناته لأجلي، هناك سيفخر بي كل الذين لم يتسنَّ لهم أن يفخروا بي هنا، وسيسعدون بي بجوائز مرافقة القرآن هناك!

ارتقِ فإنك حافظ يا مسلما ~ ارتقِ إلى الفردوس تلقَ المنعما

ارتقِ فإنك قد تعبت بحفظه ~  وعملت فيه عالمًا ومعلما 

"أن تفشل في كل شيء هنا وترتفع في الجنة على حروف رتلتها من القرآن وعيًا بها خير لك من كل نجاحات الدنيا!"

كل انتظاري ورجائي المركز الأول يوم القيامة على مقاربة القرآن لأنفاسي -إن قبلني الله ولا أزكي نفسي-!

#من_أشكال_السعادة {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} ، ومن أشكالها مصحفي



*موقف عابر: تسألني صغيرتي ريا (٤ سنوات) في المدرسة: من صديقتك؟ فأشير لها إلى المصحف الذي أتشبث به وأقول: هذا صديقي!


~


*هأنذي أمي الغالية طالبة ثانوية على مشارف الثانوية العامة، أجل أعلم أني كبرت ومضى علي زمن لم أصغر فيه في حضنك، وقريبًا بإذن ربي أحقق حلم حياتك بأن أحمل كتاب الله في صدري، اليوم كان اليوم الذي تتحمسين له كل عام وتسألينني مرارًا عنه وعن استعدادي له لتطمئني علي، الحمدلله يا أمي، أرجو تكريم الله لي أمامك يوم القيامة.. أنا أعلم أنك تحبينني كما كنتِ تقولين لي دائمًا وأنا كذلك أحبك.. عسى تصل رسالتي إلى قبرك!

وعبدالسلام؟ أذكر أنك كنت تعشق كتاب ربك، بعدما ذكرناك اليوم جاءتني نوبة شوق عميقة لاحتضانك في الجنة صغيري، عسى ربي يبلغني!



__

#خارج_النص : عذرًا من أولئك الذين اجتررتهما ووضعتهما أمام الأمر الواقع، الله يعلم أنني ما أردت إلا أن يذوقا سعادة التحدي بالقرآن والتشبث به والعيش معه..


الجمعة، 7 مارس 2014

مُبَاركٌ رَفعُك!

مال الشمس هذا الصباح لم تهبني كما عودتني معنى للابتسام؟ أو لم تكن قوية كفايةً حتى تهبنيه! مالي صحوت قبل عادتي لأتفاجأ، يستبدني الدمع، ثم أتذكر المآب فأبتسم؟ مالي لا أسعد بتصفيف شعري والاغتسال صباحًا ثم ارتداء ملابسي للمدرسة؟ قولوا لي ما الذي بربكم أثقلني وقلل سعادتي وحماسي لمعرض الكتاب الذي أحسب له حسبته قبل عام ولا أحب مكانًا كمثله في هذا الكوكب؟!
براءة الطهر،
كنت أعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أصابنا من حسنة فمن الله، وكله من الله خير، كنت أتيقن أن الله يهب الصابرين ما لا يهبه أي أحد من العالمين! وكنت أتيقن أن هذه الدنيا سفر وفناء، وكنت دومًا أرجو وأرجو وأدعو الله وأبكي أريد جنته!
صبيحة اليوم، انتقلتِ إلى الجنة! آه ما أسعدني! كررت كثيرًا على مسامع أختك أني لن أعزيهم، قلت لها أني أهنئهم من أعماق الأعماق على تتويجك في الجنة، وأهنئهم على ذاك اللقاء السرمدي في قصور الحمد بإذن الله، وكتبت فورًا: (هَنِيئًا لَكُم ارتِحَالُهَا لِلجِنَان، أتَتخيّلينَهَا مَعي بجَمَالِها في قُصُورِ الحَمد؟! لَكَ الحَمد ربّنَا علىٰ مَا أخذتَ وأبقَيتَ..)
براءة، كنت أحبك، أتذكرين حين أتيت لزيارتك وكنتِ في المستشفى مع أمك؟ أتذكرين ابتسامتي؟ أتذكرين أنك لم تستطيعي رؤيتي ولكن أحس بي قلبك؟ لا أخفيك أنني حين سمعت صوت صغيرتي ريا صبيحة اليوم بعد أن رفعك الله، كدت أنفجر بكاءً وتماسكت بقوة، أنا أعلم أننا سنفتقد طفولتك وصوتك الذي لم تقوِّه الحياة بعد، ولكن أثق أن الجنة لك أجمل!
لا تفكري كثيرًا في الفستان الذي اشترته لك أختك لتلبسيه حين خروجك من المستشفى، أنتِ أكثر أناقةً وسحرًا بالسندس والإستبرق، أنتِ فاتنة بالثياب الخضر لو تعلمين!
براءة؟ هلّا خففتِ على أمك وأختك بحلم في المنام؟ هلّا كنتِ لهم نعم الذكرى للجنّة؟ أشتاق للقيا صَفَا وأمك بكِ في الجَنّة، ادعي لها كثيرًا واشفعي لها يَوم التَناد..
اتصلت بأختك فور دخولك الجنة، كنت أقول لها أنني لم ولن أعزيها أبدًا، أنا أهنئها من أعماق قلبي، وكنت أقول لها أن هذه الدنيا سفر وفناء، ولتتخيل أنك كبرتِ ثم متِ، ورزقها الله الجنة، ربما لن تلقاكِ هناك! الله رحمك حين اختارك حالًا! ثم أنني أثق كل الثقة بأن الله لطيف بعباده، لم يلق بلطف الله أن تكبري وتظلي تتعذبين من آلام المرض، الله لطيف بعباده.. وما هذه الدنيا إلا سفر، إن لم نمت اليوم فغدًا!
أظنني كنت سخيفة يا براءة حين خفت على طراوة جلدك من التراب، لم أقِسها بعقلي بسعادة وبشرى الملائكة التي حملتك، لا أستطيع أن أصف مشاعري لحظة رفعك، كانت كل مشاعر الدنيا تجول حولي، لكن أظن أطغاها كانت سعادة ختم جوازك بذهاب بلا إياب إلى الجنة!
عديني يا براءة أنك ستستقبلين أبويك وإخوتك عند أعتاب الجنة، وأرجوك ثم أرجوك وأترجاك يا رب أن تربط على قلوبهم وقلوبنا وتعلمنا المعنى الحقيقي للصبر ومعنى الرحيل والفناء!
إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا براءة لمحزونون..


*براءة بنت عمير الرحبية، ذات سنة وشهر، شقيقة رفيقتي.