الاثنين، 11 سبتمبر 2023

رزق واسع.

 أبهى مفاخرك، وأبهج أفراحك قد يخفت بريقها عندك يومًا بعد يوم. مع الرتابة وقلة الحمد وسُخف الرضا، تتحول أقصى أماني الفاقد عندك إلى كبش سمين للشيطان حتى يبصّرك بذبول ما عندك وحُسن ما عندهم، ولا تدري أنت المسكين أنه يعميك ولا يبصّرك حين يرفع وجهك ويمد بصرك إلى غيرك، وأنه يضع على عينك غشاوة التطلع وعلى قلبك ختم السخط. أنت لا تشعر أنك ساخط، لكنك بشغف غبطة الآخرين لا تقدّر الحلوى التي ما نالها أبوك إلا بعرق جبين أشهر بينما تنظر إلى تنعّم أولاد المدرسة بها كلّ يوم مع المسك والعود! قتل الإنسان ما أكفره!

فراغك أقصى منى المشغول، شغلك أقصى منى الفارغ، امتلاؤك أقصى منى الفارغ وفراغك أقصى منى الممتلئ. "قد وزع الله بين الخلق رزقهم  لم يخلق الله من خلق يضيعه"، لكنك تغفل عن رزقك الذي تتعدد أشكاله وتمد بصرك إلى شكلك المفضل للرزق عند زيد وعبيد اللذان بدورهما يتمنيان شكلهما المفضل للرزق عندك، لا أنت رضيت ولا زيد رضي ولا عبيد، ولا نظر أحد منكم إلى امتلاء كأسه بالرزق -متعدد الأشكال- حد الفيض! ما أكفره!

﴿أَلَم تَرَوا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ وَأَسبَغَ عَلَيكُم نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً﴾، لم يستثنِك من الرزق المغدق والنعم السابغة، ﴿وَإِنّا إِذا أَذَقنَا الإِنسانَ مِنّا رَحمَةً فَرِحَ بِها وَإِن تُصِبهُم سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَت أَيديهِم فَإِنَّ الإِنسانَ كَفورٌ﴾!