الثلاثاء، 25 فبراير 2014

ثرثرات لا تهمكم

مذكرات يوم وليلتين

قبل دخول الليلة الأولى تجاهلنا إرهاق المدرسة وجاهدنا ننصب في ذلك المخيم الشبابي المتألق بلا توقف حتى حلول الساعة الثامنة، ثم توج التعب والإرهاق كله بالسعادة بحضور حشد لم نتوقعه ونجاح أكبر مما توقعنا، "ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون"..
بعد دخول اليوم استنشقت السعادة مع الأكسجين صباحًا، ثم أثمر في حضور جلسة قرآنية، وبعدها بالبرنامج الرائع والتلاوة التي زينته، وآخرها فعل صنعت لنفسي فيه سعادات عظمى شدت من عزمي، في منتصف تكريم معلمينا الأفاضل انسحبت ومصحفي إلى داخل المبنى ليؤوياني، ثم ألهمني الله لأجهر بتلاوتي بكل قوة وحماس، وأتخيل التشجيع والهتافات التي تهتفها المدرسة كلها لمعلميهم في تكريمهم هتافات لي أنا على تلاوتي، أو بمعنى أدق هي استغفار الملائكة لي، أو تلاوتي في الجنة حين يقال لي ارتقي واقرئي ورتلي كما كنتِ ترتلين في الدنيا! :") (عسى تكون نيتي خالصة حقًا وأستحق ما قلته)..
تراكضت الأوقات، وإذ بي أسمع أن اليوم تطعيمنا المفزوع منه، فركضت مباشرةً إلى ابنة أختي البلجاء لأنها حين تسعد أو تحزن تركض إلي، فقلت لها: أنتِ واثقة أني قوية صحيح؟ قالت: نعم! قلت: أنا بالله قوية! وركضت عنها، توجهت إلى ابني إخوتي المؤثر وإبراهيم؛ فأسألهم عن تجربتهم قبلي (لأطمئن عليهم أكثر مما أريد أن أطمئن نفسي) فيجيبون أنها كانت غير مؤلمة البتة فأستبشر، أنا متعودة على شتى أنواع الإبر ولا أخافها ولا تؤلمني بذاك القدر، ولكن إبرة التطعيم هذه لا تؤلم بدايةً، ثم يظهر الحق فنصاب بالألم الشديد في اليد المضروب فيها ولا نستطيع تحريكها، ويتعدى ذلك الحمى التي تفتك بأجساد المُطَعَمين لتخبرنا وتؤكد لنا أن الإبرة تؤتي أكلها! فالركضة التالية كانت إلى الممرضة لأقول لها: أنا أول من ستتطعم! فتقول لي أنها لن تفعلها وتؤخرني، وآبى إلا أن أكون الأولى! فخضعت لإصراري وتوكلت على الله، ثم ألهمني الله بعد ذلك أن أكون بجانبهن جميعًا، وأن أطمئنهن وأقلل خوفهن وأمسك بأيديهن لتقليل الأذى، والحمدلله رب العالمين! ختمت ذاك اليوم الدراسي بتسميع مثالي وحماس زائد، ورغبة في فعل شيء جنوني!
الليلة الثانية وما قبلها كانت عملًا بسيطًا (بالمقارنة مع البارحة) وسعدنا أكثر في مخيمنا، ثم ما لبثنا إلا أن أعلنت النهاية! وأعرف تمامًا ذاك الشعور حين نحضر أيامًا وأكثر بكل حماس، ثم في آخر لحظات تختفي الفرصة لخير من الله، وأقول لكل ذرة تعب تعبناها: رُبّ معروف في الأرض مذكور في السماء! يكفينا علم الله بجهدنا وجزاؤه بلا أن نحقق ما نريد حتى! الله كريم لطيف بعباده!
إلى كل من بذل كل ذرة طاقة يملكها للمخيم الشبابي الأول في عمان، جزاكم الله أعلى الفراديس، وإلى كل من حضر، شكرًا من أعماق الأعماق! سعدت بالعمل في ذاك المخيم وحضوره، بطاقة (المنظم) كانت بمثابة تاج لي، توجكم بتيجان الوقار ربي!
الحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله 💗
#خارج_النص : بدأت الآن آثار الإبرة الحقيقية، لا أراكم الله إياها وعافاكم!
مع كل الأسى انتهى اليوم ولم أفعل الشيء الجنوني الذي كنت أرغب به، ولكن شكرًا لذاك الشعور لمنحي الحماس الذي احتجته طول اليوم، وأعدك أني سأفعله غدًا بإذن الله 🙊
ربما #ستحذف !

الجمعة، 21 فبراير 2014

التَّطَوعُ يَا صَدِيقِي~

رِسَالة إلَىٰ صديقي المتطوع لأجل هذا العالم الجميل،
حبك للخير مذهل، ومسارعتك فيه جوهرة نادرة، وجهودك مشكورة بلا شك، لكن لاح شيء في خاطري وأعلم أنك لن ترفض سماعي يا صديق،
في إحدى المبادرات التطوعية في شهر رمضان الفائت، ملحوظة استثارت حفيظتي يا صاحبي، لم يبالِ المتطوعون بصيامهم فوصلوا نهارهم بليلهم لإدخال السعادة على قلوب المحتاجين، تناسوا التعب والإرهاق والجوع وكل شيء، أعجبت بجهدهم الرهيب، لكن تعجبت يا عبدالله أكثر من أولئك الذين إذا قاموا للصلاة قاموا كسالى، وإذا نودوا إلى التطوع قاموا سراعًا! وتعجبت حين رأيت من ضمن المتطوعات غير محجبات، ثم ناقشتها: الأصل في التطوع أنه بذل جهد لله وحده وهو إنفاق في سبيل الله، فإن كان هذا سلوكهم فلمن ولماذا يتطوعون؟!
أحزن ويفيض قلبي حسرةً يا صديقي حين أرى (س) من الفنانات المعروفات عالميًا -ويحبها الناس على فجورها- تنفق أكثر من نصف مالها في مساعدة الجوعى واللهفى والمحتاجين، وزياراتها المتكررة لهم ورعايتهم بكل ما تملك، أقول في نفسي: آهٍ لو تسلم وتخلص لله وتطيعه، لسيقت مباشرةً إلى الجنة! وقلت: آهٍ حسرةً أخرى أكثر إيلامًا، ما الذي بربها يدفعها لفعل كل هذا ولا يدفعنا ونحن أحق بالفعل منها ولم تؤتَ دينًا عظيمًا كديننا يا عبدالله!
شاركت في التطوع مع أناس عظماء تشعر بحق أنهم لا يعملون ولا يتطوعون إلا لله، وجربت أيضًا العمل مع أناس يبذلون جهدًا عظيمًا في تطوعهم، ولكن الأشياء الأساسية تفوتهم! ليتنا نفهم يا رفيق أننا لا نتطوع لأجل الإنسانية فحسب، نحن نتطوع لأننا مسلمين! يجب علينا أن نوصل للعالم أننا نتطوع لأن إسلامنا يأمرنا بذلك، ولأنه دين إنسانية ورحمة! "أرأيت لو أخبرتك عن إنسان كالنسمة، لا يعطي عطاءً إلا كان الله شاغل همه، أو ذلك الإنسان الذي كل عطاءاته رأفةً ورحمةً بالبشر، بالأطفال والنساء والشيوخ.. ولكنه ما سبح يومًا في السماوات الفردوسية، وبقي رغم عطاءاته بين الثرى والبشرية!"*، ينفطر قلبي أيا عبدالله على أولئك المتطوعين الذين يحسبون العمل التطوعي سبب كافٍ لاختلاطهم المقزز ذاك، والذين يضيعون أعمالًا لا غنى لنا عنها لأجل التطوع، أتراهم يا عُبَيد نسوا الأعرابي الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم فدار بينهما -فيما معناه- سؤال عن أركان الإسلام، فقال الأعرابي أني سأصلي وأصوم وأزكي وأحج ولا أزيد ولي الجنة؟! فقال: أفلح إن صدق! أتظن يا صديقي أننا نفهم هذا الحديث حقًا؟ لا أقول  لك يا رفيقي ألّا تتطوع ولا تستن ولا تنتفل واكتفِ بالصلاة والصيام والزكاة والحج! ولكن أقول أنك إن لم تبذل جهدًا كافيًا في هذه الأعمال فلا داعٍ للأمور الأخرى! لطالما تيقنت أن حكمةً عظيمةً وراء أن الصلاة هي القوام فإن صلحت صلح سائر العمل وإن فسدت فسد، وكدت أشيب يا صديق حين أسمع بعض الناس يقولون لا دخل لصلاتنا في معاصينا "الصغيرة بنظرهم" ولا دخل لديننا في دنيانا! ليتنا نفهم أن الدين كله جزء واحد لا يتجزأ، فإن تجزأ مات!
التطوع يا عُبَيد أكبر من مجرد أعمال نبذل فيها جهدًا جبارًا ليقال أننا عظماء، القضية في هذا العمل هي: هل أنت عظيم عند الله أم حقير؟!
عذرًا لكل الأعمال التطوعية التي باتت شهيتي تحتضر للعمل لأجلها، أسأل الله أن يصلحنا ويصلح أحوالنا ويجعل أعمالنا خالصةً لوجهه.
__________________________
عبدالله اسم رمزي لا يشار فيه إلى شخص معين.
*تضمين من يراع مُزنة الضّامِرية.

الاثنين، 17 فبراير 2014

رِسَالَة إِلىٰ أَحمَد~

رسالة إلى أحمد~
إلى نعومة أظافرك أخي، أهلًا بك في هذا العالم، وأهلًا إلى صف أبناء مبارك..
أخي الصغير، لم يكن سهلًا أبدًا قدومك، أنت لا تعلم أي شيء في هذه الحياة، مات أناس وأحيا الله آخرين، أهلًا بك في الحياة!
أخي الحبيب، كنت أحب لقب آخر العنقود، بل كنت أعشقه، سبقتك أميرة بحيازة اللقب ولم أعد أصغر إخوتي، لكنني لا زلت مدللة أبي وطفلته التي يحبها..
أخي، لا زال عمرك بضع ساعات، ولكنك أحدثت فينا أشياءً عظيمة، فرحنا بك، فأرجوك لا تضيع ساعات حياتك، أريد أن أفرح حين تموت كما فرحت حين ولدت -إن لم يقدر الله لي عمرًا فعسى أفرح بك في الآخرة-، إن الجنة ليست لمتخاذل ولا مضيع وقت، فلا تفرط فيها رجاءً!
حبيبي الصغير، أريدك أن تستمتع بحياتك، لكن أريدك أن تفهم معنى المتعة، أتمناك أخي ترى سعادتك كلها في صلاتك، بر والديك، في إسعاد الناس، وفي النصب لقيادة هذه الأمة!
أخي؟ هلا كنتَ سندي في فتح القدس؟ أريدك قائد جيش فتح الأندلس، لا تخف صغيري، أخلص لله وانصب، وسيهبك الله ذاك المنزل، عدني بأنك لن تتركني أسير على طريق الحلم وحدي!
صغيري، أنا أحبك رغم أني لم أرك بعد، وأحبك لأننا نتشارك اسم أبيك وأجدادك، وأحبك لأنك بإذن الله بذرة خير في هذا العالم..
صديقي الصغير، أعدك أنك ستحب أبي، هو رجل رائع يزداد عشقي له كل يوم، صدقني ستفخر وستشكر الله كثيرًا لأنه أبوك، خذها مني وأنا أختك بأنك ستزداد عشقًا له كل يوم، لكن تأكد أنك لن تصل إلى حبي له! أريد أن أوصيك ألا تنضايق حين يرحب الناس بك ويحبونك ويجالسونك بل ويتوسطون لك فقط لأنك ابن أبيك! فقط تجاهل ثم تجاهل ثم تجاهل ثم تواضع وقل لهم أن هذا الأمر يضايقني!
أرجوك كن كأبي، لم يكن يومًا إلا رجلًا عن ألف رجل،  أريدك رجلًا يستحق لقب الرجولة كأبيك وإخوتك تمامًا، لا تثنِ عزمك عن طريقهم!
أخي الحبيب، اكبر سريعًا، وسأخبرك كيف تكون غريبًا، كيف لا يهمك كلامهم، كيف تصلي في وسط اللاهين وحدك، سأعلمك كيف تستمسك بدينك مهما احترق قلبك، وسأعلمك أن تجعل القرآن كل أنفاسك، آمل يا صديقي أن تحفظه قبل أن تنهي عقدك الأول وتكون قرآنًا يمشي على الأرض، أنا أضمن لك بروحي سعادة لا تشبهها أي سعادة، ثق بي!
حبيبي، ما زلت في اليوم الأول من عمرك، الأيام تجري وتهرول بلا استئذان، لا تضيع يومًا بلا شيء جديد، لا تحسبه من عمرك إذن! احرص ألا يُكتَب أن عمرك عشرون وعمرك الحقيقي لا يتجاوز السنة! كن شيئًا لا يُنسىٰ، أنا لا أريد أن يحيا أحمد ويموت بلا أي شيء يُذكر، استحق الجنة بامتياز ولا ترضَ بالمقبول!
أحمد، من يومك الأول إلى سنتك المائة بعد المائة، أختك مزنة تغدقك حبًا ودعاءً 💗


________________
*أحمد بن مبارك الراشدي، أخي غير الشقيق المولود اليوم، شخبطات لا تليق بجماله، ولكن تخونني الأحرف! رب إني أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم، اللهم أنبته نباتًا حسنًا وانفع به الأمة!

الاثنين، 10 فبراير 2014

ابنُ آدَم الخَلِيفَة

بين الإنسان وابن آدم، نتوه بين تفاصيل كثيرة مغوية، لعل أهمها ما روى لنا الله أن أبانا آدم كان أول خليفة في هذه الأرض الواسعة، مما استثار حنق إبليس الذي كره خلافته فآثر أن يستكبر ويبدي عناده ضد هذا المخلوق الجديد!
تجلت عظمة الملائكة حين استعملت تسبيحها غير المنقطع في الخضوع لأمر الله بلا اعتراض، رغم أنها تساءلت ولم تكن تفهم لمَ يخلق الله خلفاء جدد مستندةً على ذكرى الماضي الملطخ بالشر حين امتلأت الأرض جورًا وسفكًا، لكنها تعلم أن الله وحده العليم الحكيم، لذا أنابت فورًا بعد يقينها التام بربها، مما يعلمنا أن نحاول لنرتقي ولو قليلًا لنحيا حياةً طيبة مع الله بثقة تامة ويقين لا يتخلله أي ظن أو استنكار!
كتب الله ليستخلفن بني آدم، وليستعملن الملائكة الكرام لخدمتهم، وطُرِد إبليس من مذاق السعادة إلى الأبد، ذلك بأن الله لم يكُ ليخفض أي مخلوق دون أن يخفض هو نفسه ظلمًا عليها، الله رافعٌ خلقه إلا الذين يخفضون أنفسهم بما لا يحبه الرب!
فلنستعبر جيدًا، ربنا العظيم لم يجعل هذه القصة في كتابنا لننسلى وقت الملل، الله أكبر، يعلمنا بها أسلوب حياة ومنهجًا قويمًا لرحلتنا إلى الجنة!
هل ركزنا يومًا لمَ لم يكن إبليس هو الذي يتفانى في خدمتنا والتوسل لله من أجلنا؟ ولمَ لا يكون هو صديقنا لا عدونا؟
بالبساطة كلها يا صديقي "ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"! لم يهيئ إبليس نفسه للخضوع لأمر الله والرضا التام والاستعداد لخدمة هذا المخلوق الجديد، بل جار واستكبر، لذا مباشرةً طُرِد من رحمة الله، واختار الله الملائكة الأطهار لمساعدة البشر، "وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"!
ألا نتذكر شيئًا من هنا يا رفيق؟! لمَ أمة الإسلام تجر في آخر الركب؟! لأنها آثرت القعود ولم تهيئ نفسها للأمانة التي أوكلها الله إياها، والحمل الثقيل الذي سيُلقىٰ علينا لا محالة ولم تتذكر أنها ستهجر كل أرطال التعب في الجنة التي لا يستحقها إلا عامل ناصب!
فلننهض يا صديق، ولنكف عداوة إبليس لفظًا ومصادقته فعلًا! ولنهجره هجرًا أبديًا لا رجعة فيه، الجنة تنتظرنا يا صاح! 💗



__________
خارج النص: شخبطات لا تأخذوها بمحمل الجمال، وسعيدة أنا وفخورة جدًا لأن متنفسي أكمل عامه الأول، نفع الله بي وبه وأسعدني بكم ^^

الاثنين، 3 فبراير 2014

قَلبٌ طاهِرٌ أَولَىٰ مِن عَقلٍ فَاهِم!

 من قلب أحد الأسواق العريقة في مسقط، بغض النظر عن رغبتي في هز أولئك النساء اللاتي يسمحن لرجل أن يلمسهن ويتحسس أجسامهن لقياس الثوب الذي سيفصلنه ورغبتي في سؤالهن عما إذا كانت عقولهن حاضرة، سأتحدث عن تلك الأعجمية التي أحببتها، في المسجد الواقع في قلب السوق، مكثت تردد تبتيلة لا أفهمها! بعد طول مدة واقترابي الشديد منها فضولًا لفهم ما تقول، إذ بي أكتشف أنها ترتيلات عربية! وبعد طول تركيز عرفت أن نصها: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} ، كانت ترتلها بتأثر واضح وعجيب، اقتربت أكثر متظاهرةً أنني أستعد للصلاة، بينما كنت أستمع إليها بعَجَب، ترتل من فؤادها وتكرر الآية بلا مبالاة بمن حولها بتاتًا، لا أعني أنها تؤذيهم، بل تتخذ زاويتها بصوتها المنخفض المتأثر لفترة ليست بقصيرة، ثم عادت ترتل باقي السورة، تأثرت معها وتساءلت، كيف تفهمها؟ ولكنتها أصلًا وهي تقرأ لا يظهر لسامعها أنها عربية! أم أنه سحر القرآن الذي لا يحتاج إلى عقل بقدر حاجته إلى قلب طاهر؟ وماذا بربها دفعها لتتحمل هذا الجهد في قراءة لغة غير لغتها وهي شاقة عليها؟ ما الإحساس الذي يتملكها حين تفعل ما تفعله؟
الحمدلله رب العالمين على نعمة القرآن، اللهم اجعله ربيع قلوبنا، وثبتنا على دينك!
شكرًا لك أيتها المرأة الغريبة لأنني اتخذتك قدوة!

_______
كتبتها قبل أسبوع ولم أنشرها إلا الآن

السبت، 1 فبراير 2014

وَقُودُ الرُّوح~

"مضى عهد النوم يا خديجة"، جملة لا ترحل عن أذني أبدًا، لأن الإسلام يحتاجني ولا يحتاج نومي!
لا أحد منا لا يعشق فراشه، فالوسادة هي العشق الدفين الذي يتأصل في كل منا، لكن الجنة أغلى من شهوة نوم وعشق وسادة..
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
ينفرون من فراشهم، لأن الدنيا لم تأخذ متسعًا ضخمًا من أرواحهم، أنزلوها منزلها فأعطتهم أكبر من منزلتهم، لأن الله شكور يعطي أجزل من النية والجهد، لم يروا إلا الآخرة فلم يخافوا ولم يطمعوا إلا لها، فصغرت في أعينهم أموالهم فأنفقوها بلا حسبان، مع احتساب وإخلاص للآخرة، نعيم دنيوي لا تشبهه أي سعادة!
{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}!
{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ () قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا () نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا () أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}
نريد تعمير الروح حتى لا تضعف أمام شيء إلا مولاها، حتى تتجلد بلا انكسار أمام الحياة، {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}، قم الليل واستعد، أنت حي تحتاج الجنة، فانصب تنلها!
{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا () إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا () وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا () رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}،  نحن في أمس الحاجة للرب، للمولى الذي يغدقنا حبًا، للحضن الذي يسعنا متى ما أردنا، وطد علاقتك بربك ليلًا واتخذه وكيلًا!
{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، آتاك صحة، آتاك قوة، آتاك مالًا، آتاك ما لا تحصيه، ابتغِ فيه كل شيء للجنة، لا تنسَ نصيبك من الدنيا، لكن لا تنفك عن تذكير نفسك بالآخرة، لأنها المستقر والنعيم الأبدي، أحسن فوق الإحسان إحسانًا، فقط لأنك تحتاج الجنة!
قف دون رأيك في الحياة مجاهدًا
إن الحياة عقيدة وجهادُ!
إنما الدنيا جهاد، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، لن يهديك سبيلًا، الله أعظم من سبيلك، الله أكبر، سيعطيك من كل السبل التي تتصورها والتي لا تتخيلها!
انظر بعقلك وقلبك وروحك، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، سعادة عظيمة لمن يعقل، لمن يزن الأمور حقًا، لمن لا يرى راحته إلا في الجنة!
إلىٰ اللهِ يَا صَحب، وهذه الدُّنيَا سَفَر! 
{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}!  

***

"وكم نحتاجُ في لحظاتِ الشدَّة لأن نأوي إلى ركنٍ شديد
ركنٍ تتجردُ قلوبنا فيه من [كل شيء]!
وتعلنُ استسلامها المُطلَق للَّهِ وحده ♡
رُكنٍ نعلنُ فيه ضَعفنا وانكسارنا
نبوحُ فيه بآلامِنا,, وآمالِنا،
رُكنٍ نُشهده فيه أنَّ القوةَ قوَّته،
لا نطلبها من عندِ أنفُسنا ولا من سواه!
رُكنٍ ننشرُ فيه أحزاننا في سجود،
ولا نخجلُ من دموعنا مهما سُكبَت!
ولا نُواري ضُعفنا مهما استبدّ!
وما أحوجنا إلى ذلك الركنِ لأن نشتد،
 وتستقيمَ عزيمتُنا!
وما أحوجنا إلى ذلك الرُكن 
لأن نُبنَى لنبني!
وأن تستريح قلوبنا المُتعبة
 لتواصِل..
وأن تمتلئ نورًا كي تُضيء!
وما أحوجنا 
بأن يلازمنا في كُلِّ معركة 
ونحنُ نأخذُ بأسبابِ النّصر!
وأن نستعينَ به عند رحيل الشَمس
لنحتملَ وجَعَ الفَقْد!
وأن نجدهُ معنا في القبور
 إذا التحفنا التراب..
ما أحوجنا!

قَيامُ الليل .. وقودُ الروح"*
*ليست من كتابتي، مجهولة الكاتب.


***


*تصميمات المبدعة (رَوَاءُ الزّهر)