الاثنين، 1 يونيو 2015

ثرثرات لا تهمكم -٩



الوجعُ الجسدي المخفى غالبًا ما يُضعِف رغم التقوي، والوجعُ النفسيُ يُذوي، فكيف إذا اجتمعا؟ 

١٧ يومًا بالضبط، وينتهي كلُّ شيءٍ، يزاح عني اسم "الثانوية" الذي لازمني أكثر من اسمي، "أغتسل من نجاسة الثانوية" كما يقولُ إخوتي، أنطلق إلى فترة هي الأجمل في الحياة كما يقولون، وأبتعدُ عن الوجوه البائسة التي لازمتني في المدرسة، وأفزُّ إلى الحياة! 

متى يفهمُ الناس أن الثانوية ليست موتًا؟ أن الثانوية هي سنةُ التحدي والإنجاز رغم كل شيء؟ وضعتُ هدفًا منذ بدايةِ العام أن أريَ الناسَ معنى الثانوية الحقيقي، فحاربتني المسؤولة عن مسابقة القرآن لئلا أشارك فيها للثانوية، وأبيتُ إلا أن أشاركَ ليعطيني الله المركز الثاني على مستوى المدارس الخاصة في السلطنة، وفعلت كل شيء لأشارك في مسابقة القصة القصيرة التي جاءت في وسط زحمة الاختبارات -رغم تأخري عن التسليم- ولكن الله لم يرضَ لي إلا الأول، وزجرني كثير لئلا أشارك في مسابقة قطار المعرفة للثانوية فأبيت إلا أن أشاركَ ليعطيني الله الأول على السلطنة والثاني على الوطن العربي بعد إصراري للسفرِ قبيل الاختبارات النهائية مع معارضة إخوتي جميعًا، وحرضني كثيرٌ لإغلاق شبكات التواصل الاجتماعي فأبيت إلا أن أكونَ فيها جميعًا؛ لأنني أعرف كيف أنظمُ وقتي بين وقتٍ للمذاكرة والجد والانقطاع ووقت للتواصل الاجتماعي والاستمتاع بالحياة العادية. أثارتني رؤية بعض الناس إلى التواصلِ الاجتماعي كمضيعةٍ لوقت الطالب الثانوي وتفضيلهم لابتعاده عن كلِّ شيءٍ كي يجتهدَ أكثر ويركز -بطرق مستفزة أحيانًا-، ولكن من قال أن الأسد يعيش في الصحراء والأسماك تحلقُ في السماء؟ لكلِّ صاحب طبعٍ طبعُه.

السوء مؤذٍ من غريب، والسوء أبلغ أذى من قريب. رحم اللهُ لوطًا ونوحًا وشعيبًا وصالحًا إذ كادوا يذوبون أسى لخزيهم من الله مما يفعلُه أقربُ الناس إليهم. أُقهَر لما أرى من أقربائي من حماقاتٍ، وحين يبلغ الحد مداه، أكتفي بتجنب لقائهم والحديثِ إليهم عسى يزدجرون، ولكن هل من مزدجر؟

في ليلةِ أول اختبار لنهايةِ عامِ الثانوية العامة أربت على كتفي وأتنهد، إن الحياة عقيدة وجهاد. بقي قليلٌ على جهادِ الثانوية وهانت عليك يا نفسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق