الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

فلأسأل نفسي، لماذا أدرس؟

يا الله؛ ما أبعد السماء وأقربك!
في وسط صخب الحياة وتعب الثانوية، وحياتنا التي أصبحت الآن تشبه الدوران المجنون في خلاط كهربائي يعكس تقلبات الأحداث والحياة؛ وبعدما أحسسنا أننا فعلًا أصبحنا أقوى؛ أقوى بكثير لأن الحياة قد أوسعتنا ضربًا حتى أقسمنا أننا سنصبح أقوى وسنقاوم كل شيء حتى نصل للجنة، ومع كمية الصبر التي زرعها الله فينا منذ ولادتنا ثم رأيناها الآن قد أزهرت وبلغت أشدها، "نحن هنا وللحلم بقية".
كلما جئت لأتنهد أو أعلن تعبي؛ أتذكر ذاك الرجل القرآني حين رفض تعليم النبي "قَالَ إنَّكَ لَنْ تَستَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا"، أقول لنفسي: هل ترغبين بنيل العلم وتحقيق آمالك؟ مالك لا تستطيعين صبرًا!
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة بالجهالة ينعمُ . 
ومع كل هذا النصب والجهاد؛ أقف لحظة لأغضب، في الحقيقة لا أدري أهو غضب أم حزن؛ حين أرى الطلاب معظمهم يصبرون، ولكن لماذا يصبرون؟ لا أحد يعلم، ربما للورقة التي تشهد أنهم أنهوا الثانوية أو الجامعة -وقد لا يستحقونها-؛ ليس لذاتها بل لأنها تستجلب الوظيفة أي المال -بمفهومهم-، وهناك سيعيشون سعداء. أضحك ضحكة ساخر حزين؛ أهذه حياتكم؟ 
درسنا قبل فترة عن المواد المؤثرة على العقل وتأثيرها عليه؛ كالخمور والمخدرات والسجائر وغيرها؛ حتى وصلنا إلى أحد أنواع المخدرات فناقشنا أضرارها؛ ردت إحداهن قائلة:ً أحب هذه المادة! لولا أنها ممنوعة في بلدنا لتعاطيتها؛ إنها تجلب السعادة! قلت لها: أنى تجلب السعادة وإثمها أكبر من نفعها؟ وهي أصلًا مذهبة للعقل كالخمر! فما الفرق بينهما؟ قالت: إنها لا تذهب العقل تمامًا بل تجعلك تضحكين وتسعدين، وإن أذهبته فأين تكمن المشكلة؟ قلت لها: وتعيشين تأكلين وتشربين وتنامين؟ إذن ما الفرق بينك وبين البهيمة! ألا تفكرين وتعملين؟ قالت وهي تضحك: بربك! وكأنني أفعل شيئًا الآن غير الأكل والنوم والضحك! ابتسمت ابتسامةً صفراء وأدرت ظهري لأن النقاش احتد فأسكتونا.
أنا حقًا أستخسر تعب المسلمين الذين يتعبون ليأكلوا ويناموا ويحصلون على المال. الحمدلله الذي وهبنا آمالًا تنفع أمتنا نصبر ونعيش لأجلها.
من حديقتنا التي آثرت المذاكرة فيها لأن الطبيعة تبهج النفس؛ وبعد أن كدت أن أعلن تعبي في وسط كتبي وهمّي وصبري، وحين ينطلق كل أذان، سأصبر وأحتسب لله لأن الله لا يضيع أجر المحسنين.
"إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِيْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِيْنَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنّٓارُ مَثْوًىٰ لَهُم".

(كتبتها قبل أيام، آخر تدوينة تُنشَر في ٢٠١٤ لحاجة في نفس يعقوب.)