الجمعة، 16 أكتوبر 2015

حبيبي المجاهد..

وددت لو أنك هنا تستنشق معي نسيم الله الذي يرسله ليلطف أجواءنا حين تتعكر الحياة في أعيننا، وددت لو أنك تذكرني بكل الآيات التي أسهب الله فيها عن إبداعه اللامتناهي في خلق كائنات كهذه توسع صدورنا الضيقة، وأصواتٍ كهذه تجبرنا على الابتسام. وددت لو أنك فقط تسمعني تلاوتك التي تجعلني ألطم وجهي وأشق جيبي على كمية جحودي وكفري حين لا أشكر الله عليك دائمًا. ووددت لو أن الحياة تتسع أكثر من سعتها سعةً فتصغّر كوكبنا إلى درجة أنك تعيش معي فنجاهد معًا.

أعني؛ ماذا على الدنيا لو قربتنا أكثر؟ لو لم يكن بيني وبينك سوى اتصال ورد آتٍ أنك ستكون هنا بعد ١٠ دقائق ثم تأتي في أقل من ذلك لتهاجم سكينتي في الجنة بتغطيتك عينيّ من خلفي فتعلو ضحكتي وفؤادي يضحك معي، ثم نجلس طويلًا نركض وراء ضوء شمس أمتنا لنرفعها، أو لنزيح السحاب الأسود فنمطره فحسب ليعيش العالم سعيدًا؟ ماذا لو رفعتني لألتقط كرزة أو رمانة ثم أطاردك لأطعمك، أو لنقتسمها إلى نصفين تأكل واحدًا فأطعمك الثاني لأحصل على أجرك ولأذوقَ حلاوتَه وحلاوتَك معًا. ما ضر العالم لو لم يشتتنا؟

ماذا على الصهيوني لو تركنا نمشي على شواطئ حيفا نغني عزًا أو حبًا؟ ماذا على العالم لو لم يصمت لقهرنا؛ لو لم يختر لنفسه قعر جهنم لرؤيتنا نموت بلا أن يحرك ساكنًا أو حتى يفكر فينا أو في مهمته في الحياة بلفظٍ أدق؟ ماذا عليك لو تحركت لئلا تدعثر حبيبين؟





١٢:٤٩م
٣٠-ذي الحجة-١٤٣٦
الحديقة الطبية.

الخميس، 15 أكتوبر 2015

#مذكرات_صعيدية_منتزقة ٢



أستيقظ، أنظر إلى المنبه الذي كتبت فيه "إنا جعلناك خليفة في الأرض" فأبتسم وأغلقه لئلا يزعج أختيَّ النائمتين، أنهض، أغتسل وفي رأسي تزدحم خطط اليوم، أسدلُ شعري الذي تكره أختي أن أسدله، أنزلُ إلى أمي بقبلةٍ على يدها وابتسامة عميقة، أحمد الله كثيرًا على اليوم الجديد الذي منحنيه ويجب علي شكره بأن أنجز إلى أقصى حد، أمسك بقلمي ودفتر خططي وأبتسم وأنا أردد "هي أمة كثر الظماء بها وقد حان المطر"، أحادث صديقتي ثم أمتنع لأنني خططت أن أذاكر اليوم بعد يوم أعمال المنزل الشاقة البارحة، لا أحد يذاكر في المرحلة التأسيسية لكنني أفعل لأكون ما أريد، لكي لا أسألَ الله أن يحققَ لي حلمي وأنا لا ألقي بالًا لما قبله، آه رسالةُ الجمعة من أخي البعيد لعمله، أضحك كلما نظرت إلى تسميتي له "الحبيب" لأنه من أكثر الناس الذين يستحقون حبي في هذه الحياة، أذكر احتضانه وكلامه في كل الأوقات الصعبة، أرسل له: "اشتقت إليك جدًا.." فيرد أنه أيضًا يشتاق إليّ ويحاول أن يجد وقتًا ليأتي إلى البيت فلا يجد، يسألني عن الجامعة، أجيب بحب رغم التحدي والمسؤولية، يقول: "صناعة شخصية الفرد تبدأ من الجامعة، شدي الهمة وأثبتي جدارتك واجعلي عزيمتك دائمًا قوية وخذي المواقف بشكلها الإيجابي ففي النهاية تدرسين لنفسك لتصنعي مستقبلك كيفما شئت أن يصبح."، يا رب الصباحات وإلهام أخي وحبه.

كل طريق أسلكه، كل شجرة أتأملها، كل محاضرة أحضرها، كل جهاد عميق رغم التعب، كل لقاء وكل تصرف هو الذي يصنع مستقبلي، حرية الاختيار وحرية التصرف أساس لكل طالب جامعي، كل أولئك الفتيات اللاتي يتخذن الجامعة لعبًا في تفويت المحاضرات وفي مظاهرهن، كل أولئك الصبية الذين يتلهفون على الفتيات وكأنهم ما رأوا خيرًا قط، كلهم اختاروا لأنفسهم عدم النضج أو "اللافائدة"، وباختيارهم ينهارون وهم سعداء.

بعيدًا عن الإرهاق وكل الأمور السيئة التي تحيط بي في الجامعة، إلا أن لذة المسؤولية واتخاذ القرار وحدي، وبناء نفسي وحدي، هي لذة الجامعة وحبها، وهي بنائي لنفسي لأنفعَ. كل تلك الهواجس التي تطاردني ابتداءً من غيابي المبالغ فيه من البيت عن أمي، إلى القائمة الطويلة التي لا تنتهي من الأهداف التي أود تحقيقها هذا الفصل؛ كلها تلك هي في الحقيقةِ أنا؛ الطالبة الجامعية الجديدة التي لا يكف الناس عن مداعبتها بلفظ "صعيدية" كنوع من الابتزاز وأنا أضحك.

صدقُ الصديق، الصبر على الطريق، جعل الله عرضة لأيماننا إصرارًا في الوصول إلى ما نريد، كثير من تعلقٍ بالله، وإعمال فكر وجهد فيما لم يفكر فيه أحد، هي -باختصارٍ- عزة أمتنا. فهل نكون؟



_______
كتبتها منذ ١٠ أيام ولم أراجعها وأنشرها، العذر ممن انتظر والأجزاء القادمة آتية. وافوني بقراءاتكم.