الأربعاء، 31 مايو 2017

هذا خلق الله 5

ماذا لو كنت سمكة قرش عوضًا عن كونك سمكة عظمية؟ صحيح أنك ستمتاز بعدة مميزات كخفة وزنك بسبب دعامة جسمك بالغضاريف بدلًا من العظم، وكذلك بسبب اختزان كبدك الضخم للدهون الخفيفة لإمدادك بالطاقة مع الخفة، ووجود صف احتياطي من الأسنان دائمًا في الاستعداد إن تأثر أي سن يستبدل، وأعضاء الحس القوية، وجهاز الهضم القصير نسبيًا لهضم اللحوم، وغيرها كثير، لكنك لن ترغب بالتأكيد أن تظل تسبح ليلًا ونهارًا بلا نوم أو راحة!

أودع الله في الأسماك العظمية عضوًا اسمه (المثانة الهوائية) أو (مثانة العوم) يحفظ للسمكة طفوها إن توقفت عن السباحة بفعل اختزان الهواء داخل تلك المثانة، وإن أرادت أن تغوص أخرجت الهواء فغاصت، وهذا يتيح لها المكث طافية وإن لم تتحرك مما يدعها تستريح لبعض الوقت خلال اليوم، أما القرش فليست لديه هذه المثانة، لذا فهو يحتاج إلى الحركة المستمرة وإلا غرق!

لأن القرش يحتاج إلى حركة مستمرة، فقد أعطاه الله استعدادات لجني مزيد من الطاقة، مثل اختزان الدهون في الكبد، وصفوف الأسنان التي تتيح له الأكل بفعالية أكبر لجني طاقة أكثر. 

سواءً كنت سمكة عظمية أو سمكة قرش، فالله حباك باستعدادات فطرية تناسب وضعك سابحًا أو نائمًا، وإن رحموا القرش لأنه لا ينام؛ فالله أوسع وأرحم، والله يخلق ما يشاء. 

تسبيح الله فيما حولك تناغم وإيمان يقيني. 

الثلاثاء، 30 مايو 2017

هذا خلق الله 4

القشرة الخارجية للحشرات من الكيتين تمنح أجسادها الصلابة والدعامة (كما تفعل عظامنا)، وكذلك الطبقة الخارجية من كربونات الكالسيوم في بعض الحيوانات البحرية كنجم البحر، ولكن ماذا لو لم تملك عظامًا داخلية تحميك بل خلقك الله بقشرة خارجية صلبة من العظام؟
خلق الله الحشرات بهيكل صلب خارجي يحميها من الضرر ويفرض طبقة عازلة ضد الماء ويدعم الجسم، ولكنه مرتبط مباشرة بعضلاتها مما يتيح لها الحركة، وحلقات أجسادها المقسمة تتيح لها الحركة بسهولة خاصة للركض على الأرض. خلقها الله خلقًا مدهشًا، ولكن ماذا إن كنت أنت مكانها؟ أتستطيع الحركة؟
قدّر الله لكل مخلوق أسلوب الحياة المناسب له وهيَّأه ليكون مناسبًا لذاك الأسلوب، فمهامنا في الحياة ييسرها الله بطبقة خارجية من الجلد واللحم اللين وطبقة داخلية من العظم الصلب، ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحسَنُ الخالِقينَ﴾!

تسبيح الله فيما حولك تناغم وإيمان يقيني. 

__
نعتذر على التأخير اليوم. 

الاثنين، 29 مايو 2017

هذا خلق الله 3

فلتفرض أن الله خلقك بطبقة خارجية من كربونات الكالسيوم (المكون الأساسي لصدفة المحار) وأنت تعيش في البر؛ إذن لمُتَّ من الاحتياج إلى الكالسيوم الذي لا يتوفر في البرية بالقدر الكافي. لم يكن الله ليدع مخلوقًا يحتاج إلى عنصر حد الموت ولا يجده؛ بل خلق الله الكائنات البرية ذات القشرة الخارجية أو الصدفة (كالحلزون) من الكيتين الذي يتوفر في البرية بوفرة؛ ليتلاءم ذلك مع احتياجها إلى تجديد صدفتها المستمر. 

تجدد كريات الدم في جسمك، النسبة الدقيقة للأنسولين وباقي الهرمونات، المقاييس الدقيقة التي لا تدركها لكن لو اختلت اختللت أنت كلك هي آيات قد تدلك على الله لو كنت واعيًا. 

﴿إِنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ﴾.

تسبيح الله فيما حولك تناغم وإيمان يقيني. 

الأحد، 28 مايو 2017

هذا خلق الله 2

ماذا لو خلقك الله تشبه البرطمان* الفارغ بلا غطاء ولا تملك أي أعضاء في جسمك؛ بل خلاياك كلها متطابقة؟ لا تملك رأسًا (فيه دماغ) تفكر به أو تتحكم بحركتك به، بل برطمان فارغ. 

تخيل لو كان هذا البرطمان لا يمثل جهاز هضم بل تهضم الخلايا الطعام بدائيًا، فإن أدخلت ثلاث طبقات من المخلوقات طعامًا لك في البرطمان، يتم هضم الأسفل تمامًا، والأوسط جزئيًا، وما إن يبدأ الجسم في هضم الأعلى حتى يكون هضم الأسفل انتهى وعلى الجسم إخراج الفضلات سريعًا، ولأنك برطمان لا تملك فتحة ثانية لإخراج الفضلات فإن الجسم يدفع المخلوقات الثلاثة خارج جسمك كفضلات ولو لم يتم هضم الأعلى، ليس هذا فقط؛ بل لا تستطيع تخزين الطاقة ولو قليلًا لأنك تستخدمها لحظيًا لذا عليك أن تأكل كثيرًا؛ أكثر مما تتصور؛ تقضي يومك أكلًا.



أنت لم تكن برطمانًا، بل الله فضلك واصطفاك فخلقك إنسانًا كامل الخلقة في أحسن تقويم، الله أودع فيك أجهزة معقدة لتفكّر، تخزن الطعام، وتقوم بكل شؤونك بانسيابية عجيبة لا يشبهها شيء، ألا يستحق تفضيل الله واصطفاؤه عملًا مجهدًا منك لتحقق هدف خلقك وتعبد الله حقًا وأنت الخليفة في الأرض؟ أم ستظل تنحط بخلقك لتقضي يومك أكلًا رغم أنك لا تحتاج إلى ذلك؟

تسبيح الله فيما حولك تناغم وإيمان يقيني. 




_____________
*البرطمانُ إناء من زجاج أو خَزَف، تُحْفَظ فيه المُربَّيات ونحوُها.

السبت، 27 مايو 2017

هذا خلق الله 1

تخيل أنك بذرة ضعيفة منسية في زاوية من زوايا هذا الكوكب، بداخلك نبات لكن لا تستطيع حيلة لتثمر وتصير نباتًا، ولديك واحدة من إحدى هذه الخمس حيل لتتخذها وسيلة للإثمار: 
1- إذا كنت تعيش في مكان جاف قاحل والماء لا يكفيك لتثمر، فعليك أن تنتظر المطر من الله، يغذيك به لتثمر. ودون هذا الماء لا وجود لك!

2- إذا كنت تعيش في منطقة شتاؤها بارد قارص، ستنتظر من الله أن يرفع الحرارة ويأتيك بالدفء لتثمر.

3- إذا كنت تعيش في الغابات، وسط أشجار كثيفة ونباتات كثيرة، فإنك قد تنتظر النار لتشتعل عليك وتحرق النباتات التي تؤذيك فتموت هي ليحييك الله!

4- أحيانًا قد تنتظر حيوانًا ليأكلك، لأنك تملك في الأصل قشرة سميكة لا تستطيع أجهزة الحيوانات الهضمية هضمها مهما حاولت؛ لكنها تُضعِفها فيجعلك الله بعدها صالحًا للنمو.

5- إذا كنت بذرة صغيرة ضعيفة، لن تتحمل النمو داخل التربة، فأنت لا زلت أضعف من ذلك، ولكنك ستنتظر صعودك إلى سطح التربة لتستمد الضوء من الشمس مباشرة دون حواجز فيحولك الله لشجرة مثمرة. 


أنت في الحقيقة بذرة أودعها الله في رحم أمك واعتنى بك إلى هذه المرحلة، وقد يكون من الظروف ما يحرقك أو يجمد مشاعرك أو يدفنك بعيدًا عن الأعين، عليك أن تقاوم الظروف لتصبح شجرة تثمر في النهاية؛ لأنك من خلق الله العظيم. 

تسبيح الله فيما حولك تناغم وإيمان يقيني.







________________
سلسلة (هذا خلق الله) هي سلسلة رمضانية ستنشر بإذن الله في وقت الأصيل يوميًا، مقتبسة من مادة الأحياء (Biol2102 course) المقدمة لتخصص الأحياء. 
هدفها تسبيح الله في خلقه والتفكر فيه التفكر الموصل إلى الله.