الجمعة، 7 مارس 2014

مُبَاركٌ رَفعُك!

مال الشمس هذا الصباح لم تهبني كما عودتني معنى للابتسام؟ أو لم تكن قوية كفايةً حتى تهبنيه! مالي صحوت قبل عادتي لأتفاجأ، يستبدني الدمع، ثم أتذكر المآب فأبتسم؟ مالي لا أسعد بتصفيف شعري والاغتسال صباحًا ثم ارتداء ملابسي للمدرسة؟ قولوا لي ما الذي بربكم أثقلني وقلل سعادتي وحماسي لمعرض الكتاب الذي أحسب له حسبته قبل عام ولا أحب مكانًا كمثله في هذا الكوكب؟!
براءة الطهر،
كنت أعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أصابنا من حسنة فمن الله، وكله من الله خير، كنت أتيقن أن الله يهب الصابرين ما لا يهبه أي أحد من العالمين! وكنت أتيقن أن هذه الدنيا سفر وفناء، وكنت دومًا أرجو وأرجو وأدعو الله وأبكي أريد جنته!
صبيحة اليوم، انتقلتِ إلى الجنة! آه ما أسعدني! كررت كثيرًا على مسامع أختك أني لن أعزيهم، قلت لها أني أهنئهم من أعماق الأعماق على تتويجك في الجنة، وأهنئهم على ذاك اللقاء السرمدي في قصور الحمد بإذن الله، وكتبت فورًا: (هَنِيئًا لَكُم ارتِحَالُهَا لِلجِنَان، أتَتخيّلينَهَا مَعي بجَمَالِها في قُصُورِ الحَمد؟! لَكَ الحَمد ربّنَا علىٰ مَا أخذتَ وأبقَيتَ..)
براءة، كنت أحبك، أتذكرين حين أتيت لزيارتك وكنتِ في المستشفى مع أمك؟ أتذكرين ابتسامتي؟ أتذكرين أنك لم تستطيعي رؤيتي ولكن أحس بي قلبك؟ لا أخفيك أنني حين سمعت صوت صغيرتي ريا صبيحة اليوم بعد أن رفعك الله، كدت أنفجر بكاءً وتماسكت بقوة، أنا أعلم أننا سنفتقد طفولتك وصوتك الذي لم تقوِّه الحياة بعد، ولكن أثق أن الجنة لك أجمل!
لا تفكري كثيرًا في الفستان الذي اشترته لك أختك لتلبسيه حين خروجك من المستشفى، أنتِ أكثر أناقةً وسحرًا بالسندس والإستبرق، أنتِ فاتنة بالثياب الخضر لو تعلمين!
براءة؟ هلّا خففتِ على أمك وأختك بحلم في المنام؟ هلّا كنتِ لهم نعم الذكرى للجنّة؟ أشتاق للقيا صَفَا وأمك بكِ في الجَنّة، ادعي لها كثيرًا واشفعي لها يَوم التَناد..
اتصلت بأختك فور دخولك الجنة، كنت أقول لها أنني لم ولن أعزيها أبدًا، أنا أهنئها من أعماق قلبي، وكنت أقول لها أن هذه الدنيا سفر وفناء، ولتتخيل أنك كبرتِ ثم متِ، ورزقها الله الجنة، ربما لن تلقاكِ هناك! الله رحمك حين اختارك حالًا! ثم أنني أثق كل الثقة بأن الله لطيف بعباده، لم يلق بلطف الله أن تكبري وتظلي تتعذبين من آلام المرض، الله لطيف بعباده.. وما هذه الدنيا إلا سفر، إن لم نمت اليوم فغدًا!
أظنني كنت سخيفة يا براءة حين خفت على طراوة جلدك من التراب، لم أقِسها بعقلي بسعادة وبشرى الملائكة التي حملتك، لا أستطيع أن أصف مشاعري لحظة رفعك، كانت كل مشاعر الدنيا تجول حولي، لكن أظن أطغاها كانت سعادة ختم جوازك بذهاب بلا إياب إلى الجنة!
عديني يا براءة أنك ستستقبلين أبويك وإخوتك عند أعتاب الجنة، وأرجوك ثم أرجوك وأترجاك يا رب أن تربط على قلوبهم وقلوبنا وتعلمنا المعنى الحقيقي للصبر ومعنى الرحيل والفناء!
إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا براءة لمحزونون..


*براءة بنت عمير الرحبية، ذات سنة وشهر، شقيقة رفيقتي.

هناك 8 تعليقات:

  1. عصفورة في الجنة. هنيئا لها، نحن المساكين.

    ردحذف
    الردود
    1. يا جمال قدر الله فيها، نحن المساكين والله :"( "̯

      حذف
  2. هنيئا لـ براءة هنيئا لها ..
    أبكتني كلماتك كما لم أبكي منذ مدة طويلة ..
    عادت لله ، عادت للوطن بعد غربة دامت سنة و شهران فقط هنيئا لها ..
    عادت إلى الجنة، سبقتنا إلى المنى قبل أن تهلوس بها كـ نحن ..

    آجرهم الله في مصابهم ..

    ردحذف
    الردود
    1. يا الله، فعلًا، نحن الآن نحتاج إلى أبسط ذرة إخلاص أو حسنة لندخل الجنة، سعيدة غنية هي ومساكين نحن "(
      يا رب <3

      حذف
  3. ام عمر وميي25 مارس 2014 في 2:46 م

    طير من طيور الجنة "براءة" جمعنا الله بها في الجنة

    ردحذف
    الردود
    1. آمين يا رب العالمين، يسعدني وجودكم هنا ^^

      حذف
  4. براءه الطُهر27 مارس 2014 في 8:31 ص

    أقرأها اكثر من مره ومرات ، واعيد تكراراً قراءتها ..
    كلما أقرأها ابكي كأنني طفله فقدت شيء ..

    أنا لا أبكي على رحيلها واين هي الآن ، ولكن ابكي على فراقها والله 😔💔

    فَإِذا صَحوتُ فَأنتِ أَوَّل خَاطِري
    وَإِذا غَفا جَفنِي فَأنتِ الآخر !

    اسأل الله ان يعيننا في الدنيا
    فحالنا يرثى له 💔

    ردحذف
    الردود
    1. يا الله، أعلم تمامًا ما تشعرين به، ولكن لن نرافقها هناك إلا إن أوسعنا أرواحنا صبرًا وصبرًا وصبرًا فوق حد الشبع! قواك ربي وأفرغ عليك صبرًا، فعلًا نحن المساكين الذي ننلهث وراء الجنة! بلغنا الله مرامنا :")

      حذف