الخميس، 20 مارس 2014

أيها الطبيب!

"ذهبت إلى الطبيب أريه حالي
وهل يدري الطبيب بما جرى لي؟!"

سيدي الطبيب،
أنا لا أملك ما أشكو منه سوى لأني أريد حلًا، أنا لا أشتكي البرد أو الحمى أو الحصبة، أشتكي شيئًا أشد حرقة لا أدري بمَ يوصف،
قد تعلمه حين تراني أبتسم، ثم ما إن تأتيني النوبة حتى يخنقني شيء ما  فتختفي ابتسامتي وأود الهروب ويفتح في صمامات القلب ألف جرح وجرح، أشتكي يا سيدي الطبيب شيئًا لم أكن آلفه، ولكني ربما مع الأيام ألفته، أنا لا أزال لا أحبه ويؤذيني، ولكنني اضطررت إلى التأقلم معه، ولا إثم علينا فيما اضطررنا إليه غير باغين ولا عادين إن الله غفور رحيم،
سيدي، ربما أستطيع التوضيح أكثر، أكثر الحالات عنفًا هي التي تحدث حين أرى الناس قد تبرؤوا من دينهم وهم يضحكون، وهم في غمرة ساهون، لا أدري سيدي الطبيب أين ألبابهم التي تذكرهم -بأبسط شيء- بالنعم التي تلفهم وتحفهم حفًا! لا أدري سيدي كيف أمسوا يهرعون لعلاج بثرة على الوجه الفتان ويتناسون علاج القلوب التي تجمع عليها الكلس فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة، وكذا الصواعق التي ترسل عليهم فيجعلون أصابعهم في آذانهم حذر الموت، أليس من قلب صاحٍ؟ أود لو تنظر في أمرهم سيدي لعلهم يحتاجون إلى فحص سمع أو بصر أو تخطيط قلب..
سيدي الطبيب، أنا لا يثقلني قلبي وحده، أنا تثقلني قلوب أمة، وكيف أُلنا إلى الخراب بابتسامة وصورة على الصفحة الأولى في الجريدة الرسمية مع حضرة المسؤول، وهو لا يدري ولم يفكر أنه "مسؤول"!
سيدي الطبيب، سامحني أثقلتك بمعلوماتي، ولكن لدي شيء أخير إن أفادك فخذه وإن لم يكن فاركنه جانبًا، يا سيدي لدي شقيقتان، سرقتهما الجامعة منا وهي بريئة! وأنا يا سيدي انكببت أكثر على كتبي، فأصبحت أقل رغبةً في لقاء الناس بعدما كنت نجمة المجتمع، وأمسيت هادئة بعد أن كان بيتنا لا يهدأ أبدًا ويضج بفوضاي وفوضى شقيقتي، وتحية الليل حين تعود شقيقتي: (زارتنا البركة)، وكأن أختي عابر سبيل -في بيتنا- ستعود إلى مختطِفها بسعادة في الصباح الباكر، ليس ذلك كل ما عندي سيدي، بل بقي لي عام، وأخاف أن تختطفني الجامعة وأذهب بلا مرد، إذن من سيسعد أمي حينها؟
أنا أيها الطبيب أود لو تأخذ جزءًا من قلبي، أو إن كان خطر علي فخذ جزءًا من مشاعري فقط، ما أظن يثقلني غيره، ولكن ما أظن يسعدني غيره! أظن حكمة الأطباء قد تفيدني هنا!

"أتيتك يا طبيب على يقين
بأنك لست تملك ما ببالي!"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق