الثلاثاء، 28 مايو 2019

قَبَس 5

﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجّيكُم مِنها وَمِن كُلِّ كَربٍ ثُمَّ أَنتُم تُشرِكونَ﴾ [الأنعام: ٦٤]

تلك المرة التي وجدت نفسك محاطًا بالمصائب التي تكاد تودي بك، أو المرة التي تفاديت فيها حادثًا كاد أن يقضي عليك في أجزاء من الثانية، أو المرة التي غرقت فيها وظننت أنه الفراق فانتشلك أحدهم في اللحظة الأخيرة، أو المرة التي كدت تهوي في حفرة لولا انتباهك في الوقت بدل الضائع، أو المرات التي نمت فيها مكروبًا لا تطيق من الدنيا شيئًا، أو المرات التي مررت فيها بوعكة صحية كنت تدعو بكل ما تملك فلا تجد من يستطيع نجدتك، في كل هذه المرات نجوت، لكنك كنت ترى أن فلانًا فرّج عنك، ومهارتك في القيادة سمحت لك بتفادي الحادث، والسباحين الماهرين ذوو شهامة وهم "هبّة ريح"، وذكاؤك وسرعة بديهتك أنقذاك، والصباح أتى معه بكل جميل، والطبيب الذي عالجك كان متمرسًا فهيمًا، ولكنك نسيت أن في كل مرة من هؤلاء؛ كان الله الذي يبتليك ويمحصك ويرى قلبك وهو يجد أن لا ملجأ إلا إليه مهما كان مسرفًا بعيدًا، ثم حين ينجيك تنسى كعادتك، وتعزو كل ذلك إلى الأسباب، ولو أراد هو لعطّل كل الأسباب حتى لا يبقى لك شيء أبدًا أبدًا، وستلهج في تلك اللحظة باسم الله بكل جوارحك خالصًا. لكن حين ينجيك؛ تنسى! 

كم مرة تورطت فيها وخرجت كشعرة من عجين ثم عزوت ذلك إلى نفسك أو غيرك؟ كم مرة نسيت الله ولم تنتبه أبدًا أنك نسيته ولم يوخزك أي وازع داخلي؟ كم مرة نجاك ثم ابتلاك ثم نجاك ثم ابتلاك ثم نجاك وأنت في كل مرة تعود إلى غفلتك وتنسى أنه هو الذي نجاك؟ لا يزال الله قريبًا حليمًا حنّانًا، ولا تزال أنت تنسى. متى تتذكر؟

هناك تعليق واحد:

  1. لا عدمنا قلمك ويراعك المِعطاء مُزنة الخير

    ردحذف