الاثنين، 6 مايو 2019

مذكرات طالبة جامعية 16

ألتقي بعائلتي، يقولون لي أنهم لم يروني منذ سنين وأن من واجبي زيارتهم ولو على إفطار في رمضان، أقول لهم أنني أعرف أنني لا أرى أحدًا وأنني أشتاق كل أحد، ولكن الحياة والجامعة لا تدع لي فرصة. من النهاية؛ أقول لهم أنني أعتذر وأنهم لن يروني إلى أجل غير مسمى. أقولها بتبلد بعد أن استُنزِفت مشاعري في هذا، ولم تعد توهنني مثل هذه الأشياء. وصلت إلى نهاية السنة الرابعة في الجامعة وأنا صلبة. ماذا بقي ليؤثر فيّ؟ لا أدري. 

مر أسبوع لا أدري كيف مر، عروض وتقارير كثيرة لا أجد لها مساحة في يومي، لا أملك حاسوبًا أعمل به، أنهار ألف مرة في اليوم لكنني أستمر بقوة وكأن شيئًا لم يكن. يحيطني الله بلطفه كل حين، أدعوه وأنا متعبة فيهبني كل ما يخفف تعبي، كان الله دومًا بجانبي وأنا في أشد المعاناة، كان يعلم حاجتي إلى حاسوب فيسخر لي من يعطيني من حولي دون أن أطلب منهم حتى، كان يعلم أنني لا أنام الليالي تترا مثل البشر، فكان يلين قلب مدرسي الصارم عليّ فيمدد موعد التسليم إلى حد لا يعقل، وكان يلهمني الحكمة في التصرف لئلا أضيع ولا أضيّع، كان يسخر لي كل من حولي ليعينوني، يشدوا أزري، ويكونوا ظهرًا حين لا ظهر لي. كان الله دومًا اللطيف الحنّان المنّان الذي ما وكلته أمرًا إلا أعطاني إياه في أحسن تقويم. 

لدي وقت واسع للمذاكرة للاختبارات النهائية، لكن مزاجي يضيق على المذاكرة. عائشة تقول أن من أكبر النعم أن رمضان أتى وقت اختباراتنا النهائية ونحن مستنزفون نفسيًا، ليعيد بناء أرواحنا ويرممها حتى نستطيع أن نذاكر ونكمل بقوة المعركة. رغم انزعاجي في البداية من تقصيرنا في العبادة في رمضان بسبب المذاكرة والاختبارات، إلا أننا سنستشعر التراويح فعلًا وهي استراحتنا من المذاكرة والحروب المضطرمة التي نخوضها ليل نهار، سنشعر بقيمة العبادة أكثر ونحن نذاكر العلم النافع الرافع مع القرآن والذكر لعزة أدعى للأمة. لن يكون رمضان هذا عاديًا، سيبنينا ويرممنا، سنريه من الدعاء وتعديد النوايا العجب، سنرسم فيه أجمل ذكرى بصلاة التراويح في مسجد الجامعة مع الصديقات، لن نضعف ونحن نذاكر ونحن صائمون، سيكون هذا قوة لنا، وسنستغل رمضان استغلالًا أمثل بإذن الله. 

تزدحم نهاية الفصل بتسليمات الأعمال والاختبارات والتقارير والعروض، وأزاحمها أنا أكثر بحضور فعاليات الاستعداد لرمضان، لكنها حقًا ما دخلت على شيء إلا باركته. أنجزت كل الذي يجب علي في وقته، لم أقصّر في شيء، صحيح أنني حطمت رقمًا قياسيًا وأنا أجهز لعرض من الصفر في ساعة ونصف وأعرضه فينال بفضل الله وحده إعجاب كل أحد، لكنني فعلتها بفضل الله. أظنني نضجت إلى حد لم أعد أقلق فيه على الأعمال المتراكمة علي بقدر ما أعمل عليها وأعطيها وزنها الحقيقي فحسب دون مضاعفات. الحمدلله على النضج. 

لم يكن اليوم التراويح الأول بعدما استعددنا له، غدًا بإذن الله يكون ونعيد بناء أرواحنا فيه لنذاكر بقوة ونرجو ما عند الله في رمضان. لن يكون هذا التحدي عائقًا ولا باعثًا للتكاسل، سيكون نصرًا مؤزرًا بإذن الله. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق