السبت، 5 أبريل 2014

كَفىٰ بِالمَوت وَاعظًا!

"كفى بالموت واعظًا"
استيقظت صباح اليوم على صوت أمي تقول: أحسن الله عزاءكم، أرنبتكم الثانية في ذمة الله"
لا أعلم ما مر في بالي تلك اللحظة، لربما ربطته ببعض أحلامي هذه الليلة، لكن الموت يأبى إلا أن يغرس فيّ عظة عظمى! عدد الموتى من أهلنا وصل إلى 10 في غضون 5 أيام!
قالوا لي أن أدفنها أنا، فرحت لأنها ستكون أكبر موعظة لي خاصةً وأنني لم أجرب في حياتي الدخول إلى مقبرة للتذكير عوضًا عن دفن إنسان! حملتها، أخذت المعول وتوجهت لأدفنها، تذكرت الكائنات التي اعتدت الاعتناء بها في صغري ولم يطل عمرها حتى ماتت من فرط إهمالي وشدة معاملتي -لكوني طفلة-؛ فبكيت عليها بعد أن ماتت بكاء الثكلى، تذكرت أننا قبل شهرين كنا نحتفل بزواج أختي فوق قبور المساكين ولم نتذكر حتى أي شيء يخصهم، لا أحد يستطيع أن يثبت لي  حين يموت الإنسان أن الناس لا ينسونه ويبقى وحيدًا، لا أنكر أن ذوي الأثر يطول حزننا عليهم، ولكن لا يلازمنا حقًا، هذه سنة الله!


لفقتها بفوطتها البيضاء التي كنا نجففها بها بالأمس بعد مرحها تحت المطر، كانت رجلها ممدودة مشدودة، حاولت ثنيها كي أدفنها بشكل لائق فلم أستطع، كانت صلبة وهي في شدها لا تنحني، تساءلت كيف كان ألم سكرات الموت الذي عانته أرنبتي الصغيرة؟ لم أخف عليها ولا على ألمها، هي سترتاح وتكون أجمل بإذن الله بعد موتها، خفت وبكيت على نفسي المسكينة التي تذنب كل يوم بلا أدنى تفكير وتنسى سكرات الموت التي ربما تمحو كل أثر جميل في حياتها! كنت أصور كل لحظة في مراسم الدفن، كنت أكبر الله وأصفع نفسي داخليًا مرارًا وتكرارًا وأقول لها أرجوكِ اصحي واتعظي! تذكرت البارحة حين كان أبناء أخي سعيدين بالأرنبة يتسابقون لإطعامها وتتعالى ضحكاتهم حين تتحرك وتجري، ومر على ذهني أيضًا حين أمرتني أختي برقيتها فنسيت ونمت، ففارقت الحياة. تمر علينا أشرطة الذكريات بعد رحيلهم تترى ونرجو الله أن يعوضنا بأطنان فرح تنسينا كل أفراح الدنيا في الجنة!


هناك 4 تعليقات:

  1. آاه ي طُهر ")
    كلماتك حركت أشياء كثيرة في قلبي فهل من متعظ!

    الألم الّذي يخلفه وفاة كائن لطيف من هذه الكائنات قاسٍ جدا رزقكم اللّه الصبر!
    ذقته مرارا وتكرارا في صغري مع عصافيري الصغار
    ثم م لبث أن عاد مرة أخرى قبل أشهر عند وفاة قططنا الصغيرة 3/>
    هذا ونحن واثقون أن لا لظى تحرقهم وأنهم ليسوا سوى مجرد حيوانات أحببناهم فوقفنا عاجزين مكتوفوا الأيدي أمام سنة الموت!
    فكيف بمن يصحو كلّ يوم على أثر فقد إنسان عزيز وغالٍ عليه جراء قنبلة قصفت منزله
    أو ربما أناس!
    وهو لا حيلة له سوى إنتظار فرج من الله!


    *أعرف أني قد خرجت عن الموضوع كثيرا لكن كلّما فارقت كائنا أمام ناظريّ تذكرتهم ")


    دمتِ بود ي فاتحة الأندلس، محررة الأقصى

    ردحذف
    الردود
    1. هذا ما تذكرته بالضبط! اللهم أجرنا واجبر قلوبنا وعوضنا بالجنة! <3
      تسعدينني أنتِ حفظكِ ربي ^^حيقة <3

      حذف
  2. سسحاآبة ~
    نظرتكِ الرائع والثاقبَة لمواقف الحياةِ وعبرهَا ليتَ الجميع نظرتهم كٲنتِ ~
    نحتاجُ جميعًا حقًّا لهذه البصيرة ..
    لنتعلم من كلّ موقف دونَ استثناء ~
    ولنعيَ الرسالة في كلّ الحياة #
    .
    ٲمّا عن الموت فلنْ ٲزيدَ علﯽ:
    كفﯽ بالموتِ واعظًا *
    .
    .
    باركَ ربي فيكِ يا مزنةَ الخَير ~

    ردحذف
    الردود
    1. نحن نحتاجها حقًا لنعي الحياة ونصل إلى الجنة!
      اللهم اغفر لي ما لا يعلمون واجعلني أحسن مما يظنون
      وفيك بارك عفارة، أحب وجودك هنا <3

      حذف