الخميس، 3 أبريل 2014

خَوَاطِر مِن زَحمَة الحَيَاة

*شيء ما دفعني غداء الأمس لمقاومة تلك النزعة المزنية التي كنت بسببها -حين كنت طفلة- أتذمر إن اختيرت لي قطعة لحم تختلط بعظم، فكان أبي وأمي -أيدهما ربي وجزاهما خير الجزاء وأطال في عمريهما- يوزعان اللحم الصافي لي ولأخواتي، ويأخذان القطع الي تختلط بالعظم لكي لا نتأذى منها! اعتقدت أنه ربما حان الوقت لنعيد بعض ما كانا يسعداننا به.
{رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا}


*بعد ثلاث وفيات من أهلنا قبل البارحة في الحين نفسه، وفي النفسية المنحطة في فترة الاختبارات*، يرسل الله لنا أشياء تقول لنا {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ، مشيت مرافقة ابنة أختي التي تصغرني بسنين ثلاث، فيأتيني أذاهم الذي لا يجوز لمسلم التفوه به، ولا يليق بي! لا أتأذى من حديثهم بقدر ما أتألم وأخشى أن يكفروا بسببه! رغم أن الحديث كان مبهمًا ولم تفهم ابنة أختي إلا أنها حين رأت وجهي صرخت في وجه التي قالت ما قالت تقول لها: لا أرضى على خالتي، وكيف تتجرئين أن تقولي هذا عنها؟
ابتسمت عميقًا وعلمت أننا حين نتعب إخبارهم بأن يكفوا هذا الأذى بالذات لأنه وإن حسبوه هينًا فهو عند الله عظيم فنسكت، يظهر الحق ويزهق الباطل ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون!


*أن يترافق أخوان شقيقان كل صباح في الحافلة فيدخل أحدهما فيمر صامتًا ويدخل الآخر فيقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيء مبهج، قد يكون فتى لا يمت لي بأي صلة ولكنه يهديني سعادة الدنيا بسلامه الصباحي بلا أن يشعر، يبعثني للتفكر كل صباح في عظمة هذا الشيء الذي يجمع البشر من عرب وعجم على قلب واحد، واستشعار "سلام عليكم" تبعث شيئًا عميقًا في داخلي، وكأن المليار مسلم يدعون لي بالسعادة والسلام، إلى أمة الإسلام: أرجوكم لا تكفوا عن هذه الكلمات البسيطة التي يأمرنا بها ديننا وهي تنشر السعادة والسلام!


*بغض النظر عن الاستشعار العميق للموت في هذه الأيام بعد أن كثر موت الفجأة، وبغض النظر عن غنية رحمة الله عليها التي رحلت إلى ربها قبل أسبوع، رحل ثلاثة من أهلنا قبل البارحة، ورحل اثنان اليوم، ورحلت أيضًا أرنبة أختي الصغرى، 6 عزاءات في 3 أيام شيء كثير لا ينبغي أن يمر بلا أثر عميق لا يمحوه غبار الحياة، سأدعني عن البشر وأتحدث عن تلك الأرنبة التي جاءت بيتنا يوم الأحد، ففرحت كأن أمي ولدت طفلة وديعة، ولم يُقَدَّر لها إلا أن تعيش يومًا في بيتنا فاختارها ربها، بقدر ما كنت أعشقها وبقدر ما أحبها ابنا أخويّ اللذان زاراني فجأة فوجداني أحفظ إحدى القصائد في حديقة منزلنا وأراقب لعب الأرانب، ربما بقدر حبي لتلك الكائنة الفاتنة اختارها الله؛ لأن الله يريد أن يعلمني أن لا أتعلق بدنيا وأن في الجنة سيكون لي أرانب أجمل من هذه بقدر ما رفض أبواي أن أمتلك واحدًا، ولربما يريد تذكيري أن قبركِ على حافة رجليك، فعيشي تفاصيل يومك للختام!









_____________
*انحطاط النفسية في الاختبارات لا للاختبارات لذاتها، فأنا أجد في أيام الاختبارات محمسًا حقيقيًا لبذل الأفضل ولا يشتتني ولا يوترني أي اختبار، ولكن انحطاطها لصعوبة أن لا تغش في مجتمع منغمس في وحل الغش سعيد، وحين تظهر النتائج تظهر نتائجهم المثالية ونتيجتك لخير من الله أقل منهم، وأصعب شيء أن ترى كل أحد يهوي بتصرفه ذاك في قعور لا يعلمها وهو يضحك! يسعدني أحد الأساتذة بعد أن أيدني وأكد لي أنني حقًا متفوقة عليهم بكل المقاييس وحياني حين فوجئ بدرجتي وأنهم تفوقوا علي، فقلت له أنها كانت سهوات مني لا أكثر، وأنني سعيدة حقًا بدرجتي ولا يهمني تفوقهم علي ما دامت درجتي حلالًا طيبًا ودرجتهم تحاج ضدهم عند الله!

هناك 3 تعليقات:

  1. اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك اللهم اغفر لنا ولجميع المسلمين

    وبالنسبة لي الغش فالغش واقع كلموس معنا في المدارس

    تحيآتي :أبن أختك

    ردحذف
  2. كلام رائع

    ردحذف
  3. ياا رب، بارك الله فيك عيسى <3 ^^

    ردحذف