٢٩ شعبان ١٤٣٤
١٨:٥٠
في الحافلة
الانتظار ملّ الانتظار، وإذ بفتاةٍ تصرخ:
"آه بعد بكرة رمضان! ما أصدق! اشتقنا لرمضان!"
وهناك الدمع تكوّر كجنينٍ في تاسع شهره، وأبت الحروف أن تعبّر، رمضان أحنّ، اروِني يا الله برمضان!
٣٠ شعبان
٨:٤٥
على فراشي
أقوم فزعًا والروح مفزوعة والقلب يخفق أكثر مما يتحمل والعرق يتصبب..! تأخرت! اليوم الذي أنتظره منذ أكثر من عام، كيف وأين ومتى وماذا حصل! أمي أختي خذوني هناك الآن! لا يهم كيف! تصرفوا رجاءً..! "(
١١:٠٠
في مدخل جامع الإمام تيمور، يا ربي يسّر واربط على قلبي!
١١:٠٥
في الجامع! مع الرفيقات، تلك التي يخفق القلب حنينًا إليها على بعد مترين عني، وكلهنّ هنا! والأرواح تدوي بالتهاني، غدًا رمضان! الليلة تراويح!
الجسد متعب، لكنّه يهفو، ربّاه شكرًا وعفوًا..!
١٢:٠٠
حان الوداع! يحتضنّ الجميع بسلام، وحين يصل الأكثر إلى مزنة، لا شعوريًا ينسكب الدمع،
"ستذهبون مزنة؟
برحمة الله ")
متى؟
الليلة بإذن الله
اليوم! آه مزنة خذيني!"
هنا تعتذر حروفي من الحضور لطيلة ما تحدّثت وتدع المجال الآن للدموع!
كوني قوية يا أنا أمامهم على الأقل!
ومضى شهر، وحان الوداع، وأتى رمضان، والليلة السفر ولم أقكر حتى في أي شيء! مرهق ومشتت جدًا، رباه اربط على قلبي..!
"أتمنى أن أجد أكبر حقيبة عندي أضعكم كلكم فيها وآخذها معي، وحتى لا داعٍ لأن آخذ ملابسًا، أريدكنّ أنتنّ فقط!"
١٥:٥٥
المركز الصحي
"أنتِ التالية للتطعيم، استعدّي!"
١٧:٠٠
المنزل
"ضميري العزيز، اصحَ رجاءً، خمودك يأتي في أوقات غير مناسبة أبدًا! استعدي يا أنا وجهّزي حقيبتك، لم تفكري إلى الآن ماذا تأخذين، لم تتبقَ إلا سويعات!"
١٨:٢٥
"العدة للسفر
أهم شي شوفي الفواصل!"
١٩:٠٠
"آه سحابة خذيني معك!
تجهزي، سنذهب للمطار بعد ساعة! سآخذك معي!"
٢٠:٠٠
"أسرعي مزنة، إنها الثامنة! أبي سيضيق إن رآكِ هكذا!"
٢٠:٥٥
"تأخرنا جدًا يا بناتي هداكنّ الله، الطائرة موعدها يقترب!!"
"في الطريق إلى المطار أخي
حفظكم الله في حلكم وترحالكم أختي، أستودعكم الله"
٢١:٠١
"يحفظك خالقي سحابتي، حافظي على قلبي!
تعالي للمطار الحقيني، نحن عند إيداع الحقائب،
وراك! تو أجي جنبك!
بتصيحيني قدام الخلق! حسستِني حقيقة أنك معي!
حقيقة قلبي معك!"
٢١:١٥
"أتحدّث معك لأتناسى الألم!
مزنة لا تنشغلي بي ليزيد الألم!
ليست من قلبك! لا تقلبي المفهوم! أتحدث معك لأنك تريحينني!
لم أقلبه.."
٢١:٣٠
"سنركب الطائرة الآن، دعواتكم!"
٢١:٣١
وماذا لو كنتُ طيّارًا يحلّق في السماوات بلا حدود؟
#حلم_يراودني_منذ_الصغر
٢١:٥٩
"نحن في الطائرة، أستودعكنّ الله!
"(
قوية؟
قوية
أكيد؟
أكيد
بمن؟
بالله
كذاك أباك! ") استودعتك الله"
٢٢:٢٠
"مزنة أغلقي جهازك! رفيقاتك في وداعة الله! ستأتي تلك السيدة وتزجرك!
طيب، سأغلقه الآن..
كوني بالله قوية، لا تنسي بيننا تواصل روحي في كل ثانية، أستودعك الله ❤"
"لا حروف تخرج، فقط استودعتكم اللّٰہ!
سأليهم كيف في البيت أصيح لهم أبا أختي! استودعتك اللّٰہ حبيبتي ولن يضيعك ") "
والتوصيات تنهال عليّ كوعاء أدخل لتوه في حوض مليء بماء الوضوء، "أول ما تصلي طمئنيني"
٢٢:٣٥
أقلعنا!
أعترف أنني في تلك اللحظات بكيت! بكيت بحق! لا أدري ماذا من شتات العالم أبكاني!
والحمدلله على الغطاء الذي وضعته على وجهي لئلّا يراها أحدٌ دموعي!
أبكيت على رفيقتي لأنني لا أريد تركها، أم لأنني أريد أن يرحمني ويرحمهن ربهن بحرمه المقدّس، أم أنني سأنفجر ألمًا، أم على بكاء أختي التي تركناها في وداعة الله ولم نودعها، أم شوقًا، أم أنني لحرم الله متجهة، أم لأنه رمضان! أم أم أم أم...!
كل شتاتات العالم سكنتني..
ما هدأني غير نظرة الحبيب الذي يقبع بجانبي وينظر إلى عينيّ ويضحكني!
أبتاه، بنيّتك هائمة بك! ")
"يا الله أستودعك كل من في هذه الأرض، ربي احفظهم، ربي ارحمهم، ربي الطف بهم، ربي ربي ربي!
يا الله فارّة إليك كلّي! أتقبلني يا رب؟
تركتُ كلّ من في الأرض هذه فارّةً إليك!" ")
٢٣:٠٠
وأخيرًا أحضروا الطعام! أبي وأختي جائعان جدًا! وأنا لست جائعة..
"دجاج أم سمك أم خضار؟
دجاج"
وعادت عقدة الصغر إلى مزنة!
لا أدري ما السبب وما المصدر، منذ الصغر، لا أطيق طعام الطائرات البتّة، نقطة ضعفي هناك! حينَ أرىٰ المضيفة آتية بعربتها أفر إلى دورة المياه ولا أخرج إلا بعد أن تأخذ كل الطعام! لا أدري ما الفارق بينه وبين باقي طعام الأرض! فقط لا أطيق حتى رائحته، رائحته تصيبني بالغثيان الشديد جدًا ويؤلمني جسدي كله بتلك الرائحة!
أعترف أنّني أحاول مقاومة هذا الأمر في نفسي من صغري ولم أستطع، والعام الماضي، كنت أقوى من كل يوم، وشممت رائحته بفخر، وأكلت البعض منه!
واليوم، لم أكن قوية بما فيه الكفاية، جاءني ما يأتيني كل مرة، صحيح أني قاومت وأكلت تلك الكعكة بصعوبة، ولكنّني كنتُ ضعيفة، والعقدة هي العقدة!
سأحكي لكم أنني مرةً بقيت ما يقارب الأربع والعشرون ساعة لم يدخل في جوفي إلا الريق بسبب طعام الطائرة!
رباه غوثك :"
٢٣:٣٠
مثل هذه الساعة قبل عام بالضبط! أكملنا عامًا يا اللّٰہ! مضى عام بلا أمّي! واستعددنا لرمضان ودخلناه بلا أمّي!
أمي الغائبة أشتاقك، برحمة اللّٰہ كوني بخير في رتَع الجنّة ")
٠٠:٠٠
في سماوات الله
"مزنة مزنة اسمعي!"
صلاة التراويح من الحرم في الطائرة تبث! آه يا الله أشتاق، قادمة أنا بروحي وجسدي ❤
٠٠:١٥
الدنيا ظلام هنا في الطائرة، أختي متكوّرة كطفلة العام في حضن أمي النائمة، أبي شرب القهوة لتوّه وقاعد يتحدّث مع الذي بجانبه، آه كم أثّرتٓ فيّ يا سيد بلا أن تشعر! شكرًا! (أخبركم قصته لاحقًا بإذن الله)
والقلب مشغول على من تركتُهُم وبالهم مشغول عليّ جدًا، في وداعة الله هم ")
قراءة كتابٍ مثير ستفي بالغرض، تحت ضوء القراءة الضوء الوحيد المنبعث في وسط ظلام الطائرة كنتُ أسبح مع الكتاب، ومع ذاك الفاصل الذي يذكّرني بكلّ تفاصيله بها، وحينَ أوشك أن أدمع، أنظر إليه وكأنه يجيبني يقول كوني قويّة مزنة!
٠٠:٢٠
أبي قدم لتوّه وقد لبس لبس الإحرام، آه يا أبتي، وسيمٌ جدًا بهذا اللباس :$
٠٠:٢٢
"للإخوة المسافرين إلى مكة للعمرة (أو للحج!) سنمر على الميقات بعد حوالي ٢٥ دقيقة، فالرجاء الإحرام عندها، وشكرًا"
٠٠:٢٨
صوت الحبيب
"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك!"
الشوق يزيد، آه يا قلب! ")
٠١:١٥ (بتوقيتنا) / ٠٠:١٥ بتوقيتهم
حطَطنا لتوّنا في جدّة، كوني بخير إلى أن تصلي لمكّة!
٠٢:٣٤
دخلنَا حدود الحَرَم المكيّ، لبيك اللهم لبيك، الحروف لا تحكي!
٠٢:٤٥
هَا هو برج الساعة المكيّ، ياااا اللّٰہ بلّغني، يااا اللّٰہ أحنّ، أفي حلم أنا أم فعلًا في مكة!
كلام كثير بعد، والقصة تطول، لكنّ شحن الجهاز يخونني! ><"
نقطة انتهى السطر!
(*كلها واقع، بعض المحادثات بتصرّف بسيط)