الأحد، 7 يوليو 2013

مشهَدٌ من حياتها~

طفلةٌ تقعُد في الكرسي الخلفيّ للسيّارة،
تمصّ الحلوىٰ الّتي تتشبّث بها،
اممم حسنًا، هي ليست طفلةً بكلّ مقاييسكم، هي طفلة، لكن طفلة كبيرة، طفلةٌ في الخامسة عشر من عمرها..!
ترتدي السواد، بعضٰهم يقول أنّها كئيبة، لكنّها ليست كذلك، هي في داخلها ملوّنة مزهرة جدًا، وبما أنّها ذاهبة لمجلس لا أحد فيه سوى الفتيات، فارتدت لبسًا مزهرًا جدًا تحته، وحذاءً جميلًا، حذاءُ طفلة!
قبعت في الكرسي الخلفي تسبح في أطياف الكَون، وهيَ تترنّم معَ أحدِ الأناشيد،
كعيُون طفلٍ يترقّب عودة أبيه المسافر مذ كان متكوّرًا في رحم أمه، تراقِب السّماء،
"ياااه، عَظَمَة! (عَ ظَ مَ ة) بحقّ..!"
كيفَ أبدع الربُّ هذه السماء، 
كيف صاغها بأدق تفاصيلها،
كيف ركّبها، كيف رفعها، كيف جمّلها..!
بديع بديع، سبحانه!
والسحَابُ الّذي تهيمُ به الذي هو أحد إخوَتها الأشقّاء، ينظر إليها، أن هلُّمي لنعانق السمو،
وتٰوقفها عن تلكَ الخيَالات صَوتٌ من أختها أن "وصلنا"
وإذا بهَا تجدُ عالمًا آخر تسبح فيه..

(رَجُلُ الفُول)
أظنّها منذ أدركت ماهيَة الأصفر والأحمر، ورجل الفول بينَ زقاقِ ذاك المكانِ يشرِي فولًا يُقال أنّه من السودَان،
كثيرًا ما تشفِقُ علَيه، حينَ كانَت صغيرة، كانَت نادرًا ما تشتري منه، وفي الغالبِ كانَت أمّها تزجرُها "لا تشتريه، إنّه ملوّث، إنّه سيء، سأشتري لك غيره..."
لَم تكُن تراه ملوثًا بقدر الغبَار على عينِ الرّجل.. لم ترِده أن يتسوّلَ، فالرّجل يبيعُ ليكسبَ حلالَه!
(ودعوني أخبركم شيئًا بيني وبينكم، أحيانًا كانت عندما تشفق عليه، تختبئُ عَن أمّها لتشتري منه بعضًا ممّا تروم..!)
وكبُرت، والرّجل مالَ إلىٰ الشَيب، ولا زالَ يتجوّل هناكَ بحكَايَاه، أغدًا ستحكي لي يا عمّ؟


(هَزَلُ قِطَّة)
بينَا تجرّ رجلَيها واحدةً تلوَ الأخرىٰ، وكأنّهنّ أصبحن فجأة حملٌ ثقيل..!
إِذ بسنّورَة، تبدُو عليهَا ملامِح الصغَر والطفُولَة، تَبحَثُ عَن هدف،
على اتّساخِ معَاشها في الشّارع وضيقه، لا زالَت مستمّرة، ويقينُها بالله يزيد "خلَقَني فسيرزقُني..!"
وكأنّ من عينَيها أقرأ (لمَ أنا هنا بهذه الحياة الكئيبة جدًا؟)
يا صغيرَة القطط لا تيأسي، خلقك لتسبّحي، ولم نسبّح..! "(
 لَم يكُن خلقُك تجربةً فاشلة، اللّٰہ لا يجرّب يا حبيبة،
وكأنّني أرىٰ في إحدَىٰ تلك الفراديس مملكةً، عالمًا آخر للقططِ التي لطالمَا ركلُوها، للتي عاشت بين لَوثٍ وجُوع،
يا قطّة، شكرًا على درسك الثمين! ولعلّ الجنّة يا هرّة، تهديكِ عالمًا مبنيًا من بَيَاض وخضرة..!

*كُتِبَت حكايةً عن الجمعة (قبل يومين) ^^

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق