الخميس، 4 يونيو 2015

ثرثرات لا تهمكم ١٠

حين أسأله عن موعد قضائه حاجة لي، يضحك ويقول وهو ينظر إلي: "أنتِ تأمرين، أنا جندي موكل بك!"، أيُّ شعور يعتريني بك يا أبي؟

ازدحامُ المعلومات والأفكار في رأسي صباحَ اليوم والمراجعات السريعة قبلَ الاختبار في السيارةِ وأنا أتناول فطوري هناك، تذكرني بقول عهد حين كنا صغارًا: "حاذري من هز رأسك الآن لئلا تتساقط المعلومات من أذنيك!"، أضحك في داخلي وأعود أكملُ ضخ هذا الرأس بكمٍّ أكبرَ مستبشرة بخير بعد الاختبار، في عمقِ بحثي عنها بعد لقائي بها لثوان وهي متوترة تسعى أراها مقبلة فأزجرها أنني أبحث عنها في كل مكان، أهدئها -أو أهدئ نفسي-، أذكرها بأن تسترخي وتدخل الاختبار قوية وتثق بالله وسيجزل.

أعودُ مثقلةً متخمةً بالتعب والألم وشعور وشك الانفجار، يمرُّ على سمعي كلام كأنني أسمعه للمرة الأولى في حياتي وأنا التي أردده كثيرًا: "إنّا سنلقي عليك قولًا ثقيلًا". ابتسمت ابتسامة قلبية لا شكلية، الحياةُ ثقيلة والمهام المخلوقون من أجلها أثقل، أفأبتغي الراحة؟

صوتُ الرياضياتِ المتعالي فيّ يدقُّ فيّ نواقيسًا صاخبة، والفيزياءُ تقسمُ ألا تدعني حتى تغميني من اصطداماتها المرنة وغير المرنة، أقسم على نفسي ألا أرتاح حتى أنهكَ نفسي لأحسنَ في اختباراتي وأرفع معدلي لدخول الطب والجامعة، حديثُ أبي قبل اختبار الرياضيات عن الجامعة، وحديثُ أختي بعده، أشعرني بأنني حقًا أحتاج لجهدٍ أكثر يولجني إلى الجامعة مع الجمل في سم الخياط، أوقن أنني فعلت كلَّ شيءٍ، ولكن قلة اهتمامي بالجزءِ ذاك لقولي:"هو سهل، سأركز على الأصعب." أشعرني بالحرقة بعد الاختبار وكأنني أقولُ سأعوضُ وأصلُ وأحيدُ عن الوصولِ بفعلي. آه، أسمعتني أختي الآن في صخب زعيق الفيزياء مقطعًا يقول أنك إذا أردت أن تكونَ طبيبًا حقًا وعزمت، ستكون بإذن الله.

اختباراتُ الفيزياءِ محضُ خرافة، هي تمامًا كسؤالِ الأسطورة العجيب في اختبار اللغة العربية الذي لم يحله معظمُنا، يذاكرُ الخلقُ اللغةَ العربيةَ بوجلٍ ليلةَ اختبارها وأذاكرُ أنا الفيزياءَ ليلةَ اختبار العربية قبل اختبارها بأربعة أيام، أنا التي قضيتُ دهورًا أحاولُ التصالحَ والتفاؤل في الفيزياءِ وقد فعلتُ حقًا، لكن اختباراتها تأتي لتقولَ لي: "أتمزحين؟"، حسنٌ، أنا أمزح في كل شيء إلا الفيزياء التي أكافح لأسمنَ كبشي لأذبحه أضحية يومَ اختباره، ولكنَه يبقى هزيلًا، أحيانًا أظنُّه مريضًا، إذ لا أظن المرضَ مني وأنا أطعمُه بشتى الوسائل سنين ولا أرى حتى فضلاته! سأصمتُ هنا لأعودَ أذاكر الفيزياء -أسمن كبشي-، وحُقَّ لي ذبحَ أضحيتي يومَها.

أود أحيانًا لو أنتزع من رأسها كل الألم والإحباط لأصرخ في وجهها: علامَ تبكين؟ أنتِ تقاتلين لتفعلي كلّ ما بوسعك، أعلم أنك تحاربين لذلك والله يعلم، لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها! سيؤتيك الله.

أعودُ أقولُ لنفسي في صخب كل شيء: كوني كما قال العظيم ياسر عرفات قبل رحيله رغم تكاتل العرب قبل العجم عليه: "يا جبل ما يهزك ريح"، ائتي الحياة بقبس من نار لعلها تصطلي بالله من صقيع الحياة ولفحها، عمّري فلسطين بتعمير نفسك، واهدئي.

هناك 4 تعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. ثرثرات تهمني.. :'))
    ما أطهر روحك ! ♡

    ردحذف
  3. اللهُ لكلِ هذهِ البعثرة، اللهُ لكل الأشياء التي تطرقُ رأسنا وكأنهُ سندان
    من الله الفرحُ والنصر

    بشركِ اللهُ بـ الطبِ مُزنة ونفعَ بك الأمة :)

    ردحذف
    الردود
    1. الله لها :")
      آمين آمين، وبلغكم إلى أحلامكم ونفع بكم!
      تعليقك يسعدني.

      حذف