متجاهلةً دغدغةَ تأنيبِ الضميرِ الذي يزاحمُ كلَّ تفاصيلي، ومتنهدة بعد تلاطمِ الأعمالِ حتى كادت تدفعُني خارجي لتبقى هي بقوتها، أكتبُ.
الليلةُ التي قضيتها أكتبُ الأشياءَ التي آخذُها للسفرِ وأشاركها إياها وهي تذكرني بالنواقص، الاستيقاظ مبكرًا وإعداد الأغراض، الاستعداد وتعجيلُ أمي لموعدِ المطارِ، شراءُ علمٍ كبيرٍ، مقاومةُ الحرِّ وجر الحقائب في المطار، لقاؤهم من بعيد بابتسامة عميقة، كلُّ الأشياء تلك تكللت بعميقِ الدعاء من الناس أجمعين، من آباء رفيقات السفر الذين لم أقابلهم في حياتي، دعاءُ أبي وأخواتي، تبتلاتُ صديقاتي، وترديد "عُمان تفخر بك، سترفعين رأسَ عمان." من كل أحد، أردُّ بابتسامةٍ عميقةٍ محشوة بأملٍ بالله عظيم.
مرورًا بتفاصيلِ السفرِ المرهقة إلى وصولِنا إلى الإمارات، وتعبُ طفلاتنا وتباكيهن من التعبِ الذي أجبرني أن أكف تجاهلَ شعوري بالتعب، وصولًا إلى سعةِ صدر وابتسامةِ مستقبلنا في المطار، هذا العالمُ يحتاجُ إلى تعبِنا وبذلِنا.
وصلنا إلى الفندقِ لا نبغي سوى إلقاءِ أجسادنا على الأسرّة، فتفاجأت أنهم ينادونني لأن المسابقة ستكون حالًا، صُعِقت بتعب السفر وجوعه القارص وأنا التي كنت أقولُ لها قبل يوم أنني سعيدةٌ لأن المسابقة صباحًا بعد نوم وفطور، تنهدت، أخبرتها، قالت لي لا تخافي ولا تترددي! قلتُ لها لا أفعل! تنهدتُ بابتسامةٍ عميقةٍ وأمل معقود بالله عظيم بعدَ كلامِهم وتشجيعِهم، ابتسمتُ حتى مع خروجِهم يبكون، همسها "مزنة أنتِ مختلفة، لن تكوني مثلهم."، قلتُ في داخلي:"الله أوصلني بلطفٍ عجيبٍ إلى الأول على دولتي بلا احتساب مني، أفلا يوصلني إلى هنا؟"
"كيف كانت المسابقة؟"، اكتفيت بـ"الحمدلله، كانت جيدة وأديت كل ما علي الحمدلله!"، غضضت البصرَ عن خوضي تجربةً عجيبةً في حياتي، فلجنةُ التحكيم التي كانت من دكتورٍ وأستاذ كبيرين لم تألُ جهدًا في أن ترميَ سؤالًا يلي آخرَ بلا استراحة لأخذ نفس حتى، ولم تلِن حتى لابتسامةٍ أو نصف كلمة حسنة تفرعُ في السماء، لا أدري لعلهم أرادوا بذلك أمرًا ليميز الخبيث من الطيب، لا أقصدُ الخبيثَ بل الأفضلَ من الحسن. كنت أردد قبلها يا رب أعطِني انطلاقَ وقوة موسى في الحديث من بعد ما خاف وسألك هارون الفصيح عونًا، يا رب كن لي وأفصِح لساني وأطلقه فيك.
ليلةٌ طويلةٌ مرت بسرعة، أو ليلة قصيرةٌ تباطأت، لا أدري أيهما كانت، بعد دعاء أمي كنت أجلس مع الفتيات في سهرةٍ قبل النوم نتسامر حتى غلبنا النوم، لنشرق على صباحٍ جديد، إنه الصباح الكبير! لم أفتح عينيّ حتى قلت: "يا رب الأوائل".
سارعت إلى إيقاظ أمي، وصلاة الضحى ثم الفطور، تجهزت سريعًا مرتديةً علمي الكبير لأذهب لمساعدةِ تجهيز صغيراتنا اللاتي لبسن الثوبَ العماني التقليدي، سرعة تلحقها سرعة حتى أقلتنا حافلةٌ جلست فيها بالقرب من فتاةٍ من الوفدِ الأردني، سرعان ما تعارفنا وتبينّا كم أننا شعوبًا وقبائل نتشابه لكننا نختلف، سعادة غمرتني بلقائي ذاك الذي اقتربت فيه شبرًا من وفدٍ عربي، نظراتي المليئة بالأمل للحديث مع الوفود الأخرى من شتى البقاع العربية لم تفلح سوى في استجلابِ مزيد من الانتماء إليّ، عرب مسلمون ندور في المدارِ نفسِه.
حفلُ التكريم بدأ لتوه، عظمة تكتسي فؤادي إذ يجتمع عرب تحت سقف واحد يمثلُ كلُّ واحد منهم بلدَه، الوفد السعودي خلفي والقطري بجانبي واللبناني الودود أمامي وأمامه وفد فلسطين، ذلك الوفد الذي يرتدي بذخ الثوب الفلاحي، إيه لو يعلمون، شيءٌ بداخلي يدافعُني لأتعرفَ عليهم ولكن مراسم الحفل تلزمني ألا أبرحَ مكاني عاكفة حتى ينتهي الحفل، لا أريدُ سوى أن يعلموا أنهم ليسوا وحدهم يقاسون، أنني ربما أقاسي أكثرَ منهم في البعدِ أحاول أن أبني نفسي ومن حولي وأعدنا لنصلَ إليهم أو لنفعلَ شيئًا مما أحشرجُ بالبكاء حين أذكرُ عجزي وبعدي -رغم أنني أجتهد وأوقن أنني سأصل بطريقة ما-، لأقولَ لهم أنتم لا تعلمون أنني أحملُ علمَ فلسطين بحجمٍ يفوقني بجانب سريري أتأمله مليًا وأعملُ له، ولا تعلمون كم كلن بودي أن أرتدي علمَكم فوق علمي. تجاهلت تضاربَ الشعور فيّ لأغنيَ معهم:
هنيئا لأمتنا بأمثالك! بارك الله فيك مزنة :))
ردحذفاللهم اغفر لي ما لا يعلمون.
حذفهنيئًا للأمة بك مروة!
آمين وإياك.
أأنهيتم أخيرًا؟ تواصلي معي بالبريد!
تبارك الرحمن..
ردحذفلله درك! لله درك مُزن❤️
الحمدلله :")
حذفمن؟
تبارك الله
ردحذفمُزنة ماذا أقولُ فيكِ !
عَظيمةٌ أنتِ، عظيمٌ حرفكِ
أبهرني هذا السبك ماشاء الله
باركَ اللهُ في عمركِ وأزهره، مبارك عليكِ هذا الإنجاز
عُمان تفخر بكم
بورك فيك ❤️✨
ستر الله وحسن ظنكم :")
حذفآمين آمين آمين وإياكم! عساها تقعل حقًا!