الاثنين، 6 أبريل 2015

إلى الموجوعِ صديقي

سلامٌ على صديقي المثقلِ بالوجع ورحمة الله وبركاته وعافيته،
أيا صديقًا أفتديه بما أملك، طهورٌ بإذن الله. لا أظنني أحتاج أن أزيد كلمًا بعد هذه الجملة، أتدرك عمق أبعادها؟ أغمض عينيك وتذكر شريط حياتك سريعًا كما لو أنك كنت تموت الآن، أتذكرت كل المنكرات السوداء التي كنت تفعلها؟ أتذكر الأشياء التي تقترفُ بلا إحساس أنك تقترف؟ أوترى لأي حال آل جسدك؟ أغمض عينيك وتنهد، وتذكر أن كل ذاك بإذن الله سيُمحى إثر هذا الوجع، استشعر أن هذا الوجع يدفعك بعيدًا عن النار ويقول لك: أتصبر على كل هذا ويكون مكانك هنا؟ يا صديقي أحسِن واصبر لكي يرفعَك الوجع درجات فوق درجاتك في الجنان.

أتذكر يا صديق تلك المرة التي كنت تحاول فيها بكل وسعك أن تشرحَ لي ما لا يمكن شرحه حتى للطبيب؟ أتذكر حين كنت تقول لي أنك تعبت؛ وأنك تحتاج صبرًا أكثر؟ أتنذكر حين كنت أقول لك: (ادعُ لي) كل فينة؟ إيه لو تعلم يا صديقي كم يرفعُك وجعك! يا صديقي الموسوع ألمًا، القوي المغوار مظهرًا، الذي يحاول أن يخفي ذبلانه بين طيات مقاومته ومحاولته للظهور عاديًا قويًا، أنت معجزة يا صديق! مقاومتُك لكل شيء في داخلك، مقاومة الألم، التغلب على الوجع لأداء مهام الحياة بتميز، التصرف كأنك في أفضل حال، هذا من أسرار عظمة الله فيك، فقط لو تعلم كم يقربك جهادك من الله؛ لتمنيت أن تقضي عمرك في جهاد أقوى من هذا.

أيا صديقي الذي لا يفهم وجعه الأطباء، ولا تخفف ألمه العقاقير، أيا عظيمًا يمشي بيننا، أعلم أن قولي "أنت بالله قوة" معتادٌ ومكررٌ جدًا، ولكن هذا أكثر ما يسعفني به لساني حين أرى تعبك، يا صديق، جاهد وقاوم إلى آخر نفس فيك، لا حاجة لك في الناس ليعلموا ما بك، تجاهل كلامهم وضحكهم واسمعه كأنه صوت بلابل تدفعك إلى الأمام، أفتطيعني حين أقول "قاوم إلى آخر نفس فيك"؟

أتتذكر تلك الليالي الظلماء التي لم تستطع النوم فيها وجعًا؟ كنتُ معك أحاول التخفيف عنك بأي طريقة، أود لو آخذ وجعك وأستبدله بعافيتي، أود لو أجد أي سبيل حتى تغمض جفنيك وتنام قريرًا، أتوسل أي سبيل كي أخففَ زفرةً من آلامك، كنتَ تحاول أن تشرحُ لي وجعَك وتعبَك وأرد بكلام يتضح منه أني لا أفهمك بتاتًا! أتلاحظ أني لم أستطع رغم تألمي أضعاف ألمك؟ لم يشأ الله لي أن أستطيع التصرفَ فيك، كان هو وحده الذي يتنزل برحماته ولطفه عليك، كنتَ تقول لي: (نم. الله معي.) لم أدرِ كيف لم أستطع النومَ ولا الاطمئنان حينَها، نعم، الله وحده معك، الله يريد أن يطهرك، الله يريد أن يخفف عنك، خُلقت ضعيفًا وخُلقتُ أضعف. الله وحده يعلم ألمك ويمسح عليك برفق ويرحم أناتك.



أي صديق، تنفس الصعداء "واصبر فإن الله لا يضيع أحر المحسنين". 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق