الثلاثاء، 14 أبريل 2015

رد: إلى القلقِ على وجعي صديقي.

أيْ صديقي الذي يرافقُني حزنًا وصمتًا وعافية، سلامٌ على الرحمةِ التي أودعها الرحمن فيك، وعلى المودة التي ألقاها الودود في جنبات روحك،

أنا لا أعرفُ ما أقول وما أصمت عنه، في هذه اللحظة يبدو كل شيء مثيرًا للصمت مع زحمة حاجة الكلام، الحمدلله عميقًا، الحمدلله مرضًا وعافية، ضعفًا وقوة، ظلامًا ونورًا، حرًا وبردًا. 

شكرًا عميقًا لله أن وهبني منزلةً كهذه، اختارني لأعتصرَ ألمًا حتى يخففَ عني، بثَ في جسدي ضعفًا حتى لا يفارق ذكره ذهني الشارد، ولم يجعل لي سبب شفاء لأتعلق به وحده. في الحقيقة أنا مميز يا صديق! من من العالمين يملك أقراصًا تذكره بسرعة مرور الأيام، فما إن يبدأ شريط الدواء حتى ينفد؟ الله يذكرني بعمري حتى أستغله، يجعلني أستغل ذرة القوة التي يمنحنيها قبل أن يجتاحني ضعف، الله ألطفُ يا رفيق، "الله حين أقولها لا يشتكي طرفي الحزين!".

أخي، أوقن أن لا أحد يعلم ما بي تمامًا، لا يستطيع أي بشر فهم ما أعانيه تمامًا مهما كان يحاول أن يكون صادقًا، الوضع مختلف يا صديق! أأسر لك أمرًا؟ ينتابني حزن عميق حين يضحكون أو يتشامتون عليّ وعلى ضعفي المفاجئ، ربما يريدون نصحي لأكون أقوى أو معاتبتي عتابًا قاسيًا لا يرحم لمصلحتي، أنا أوقن أن الله عليم بي وبجهادي وهذا يكفيني، وكلامهم لا يحزنني لي، بل يحزنني ضيق أفقهم الذي جعلهم ينغمسون في سوء ظنهم الحد الذي لم يتح لهم التماس أي عذر أو حتى السؤال! وسأسر إليك أمرًا آخر؛ يحزنني أن ضعفي يعيقني من بذل أعمال تنفعني وتنفع أمتي، أنا أدرك أن كل ما يصيبني خير وأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، لكن تظل نفسي تنازعني للبذل.

صديقي، وعدتُك يومًا أن أكونَ أقوى من كل شيء وأقاوم حتى آخر نفس، أذكر حين كنت تصر علي: "لا تنهزم للوجع!"،  أنا يا صديق أقاومُ غالبًا كل شيء، حتى أنت لا تعرف قدر مقاومتي وجهادي لمتابعة حياتي، ولكن صبري يا أخيّ فقيرٌ، أظلُ الإنسان الضعيفَ الذي ينكسر ويحتاجُ إلى صبر أكثر، كن معي حينها وذكرني أين أنا والصبر أين، أسهب في حكي قصص المتوجعين حقًا، أضئ الصبر والأمل في عينيّ أي رفيق.

أتعلم؟ قوّةُ المقاومةِ والتظاهرُ بتمامِ العافيةِ؛ أعني قوةَ التماسكِ هي الأصعب والأكثر استنزافًا للطاقة والروح، الجسد يستطيع -رغم ضعفه- تحمل كم الآلام الملقاة على عاتقه، لكنّ التماسك واستجماع القوى يضعفُ الروح أحيانًا، فلله كم لله من رحمةٍ يلقيها ويمسح بها على أجسادنا فنغدو أقوى.

أيْ رفيقي، أنت لا تستطيع -مهما حاولت- أن تأخذ عني ولو قطميرًا من وجعي لأنك ضعيف والله وحده القوي، لكن وجودك بجانبي، اهتمامك، تلاوتُك على ارتجافي ووجعي، ومسحك على جسدي بكل لطف، ووجلُك الذي أود أن أخففه بأي حال؛ كل هذه الأشياءِ تجعلني أقوى لو تعلم! وأقول لك كما يُقال: (حبُك يشفيني).

صديقي، تلوتَ عليَّ يومًا والألم والتعب يعصرني {وَمَن جَٰهَدَ فَإِنَّمَا يُجَٰهِدُ لِنَفْسِهِۦٓ ۚ} ، أعدُك سأجاهدُ إلى آخرِ نفَس.

هناك تعليقان (2):