السبت، 3 يناير 2015

أما الآن؛ فلأغضب ولأستعِد وطني. -٢

قبل أيام؛ قال لي أحدهم أنه لا يخاف من شيء بقدر ما يخاف أن يحدثني حين أغضب فأجلس لوحدي وأكتفي بالتحديق في كل شيء بلا حديث، لا أدري ما الذي أسعدني في كلامه! أنا دائمًا ألقن نفسي وأربيها ألا تغضب لشيء في غير محارم الله، أريدها أن تبقى هادئة ساكنة مسالمة في كل شيء؛ إلا محارم الله! 
أعترف أنني أحيانًا حين أغضب -لمحارم الله- أتهور، لا أقصد أنني أتحول إلى وحش أو ما شابه ولكنني أحيانًا لفرط غيرتي وغضبي أقول ما كان ينبغي أن يقال بأسلوب أقرب للقلب أو بهدوء وروية أكثر، أعرف أن هذا مما يعيبني، ولكن صدقًا؛ أمتي دفعتني إلى ذلك. إن كان رجالها لا يغارون ونساؤها لا يغضبن ولا يهز قلوبهن غير صوت أم كلثوم أو عبدالحليم حافظ؟ سأغضب. 
أنا حين أذاكر الآن لاختبارات الثانوية العامة، أسكت كل شتاتي بإقناع نفسي أنني بإذن الله بعلمي ودراستي هذه سألم شتات الأمة ونستعيد بلا خوف فلسطين، وأنا بإذن الله أعد عقلي كما أمرني الله "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة". في أثناء مذاكرتي؛ أتوقف فجأة حين أراني سرحت بعيدًا لأستمع إلى واحدة من القصائد الفلسطينية تعيد لي القوة لكي أكمل مذاكرتي، تقول القصيدة: 
"أنا امرأة عربية
ونأتي بظلال من الغضب
أمي ولدت تحت شجرة زيتون
على أرض يزعمون أنها ليست لي!
لكنني سأعبر حواجزهم
نقاط تفتيشهم
جدرانهم المعزولة
وأعود إلى وطني. 
سنرجع إلى فلسطين.
تقولون لي:
أرسل أولادي للموت!
ولكن هذه طائراتكم
في سمائنا!
أقول لكم:
إن رحمي لن تلد لكم
إلا الثوار
ستمسك بيدها حجرًا
وفي الأخرى علم فلسطين.
أنا امرأة عربية 
ونأتي بظلال من الغضب
حذارِ حذارِ من غضبي!" *رفيف زيادة
سأغضب، لأن العالم حاول إيهامنا أننا العرب لا شغل لنا سوى الأكل والشرب والنوم واللعب بالأموال، لن أغضب لأنه حاول إيهامنا بل سأغضب لأننا صدقنا. بل لن أغضب لأن العالم يحاول إيهامنا مثلما سأغضب لأن من العرب من يوهمنا بذلك حتى يقضي على أموالنا ويدعنا بسبات، بتنا نرى أن العالم كله يرتقي إلا العرب إذن نحن لا نصلح لشيء ونستحق ضياع فلسطين؛ أعني أن الفلسطينيين يستحقون ضياع أرضهم -كما يزعمون-! ألا نرى أننا نطيع سادتنا وكبراءنا فيضلوننا السبيل؟ اليوم تثبت لكم غزة أن العرب إن عملوا فسيحطمون العالم؛ فقط إن استقلوا بفكرهم وعملوا.
وحتى إن ثار العرب وحاولوا أن يتحرروا، سيحاول أولئك الحمقى مجددًا إقناعنا أن الثورات والرغبة في التحرير لا تجلب لنا سوى الويل والموت، وأن الرغبة في الاستقلال واستعادة الأرض والوطن تجلب الموت، هيهات هيهات لما تزعمون.
لأن "وحدها الشعوب قادرة على ولادة أوطان حرة وإن اشتد المخاض"، سأعود لمذاكرتي الآن وأدرس، لكنني لن أنسى غضبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق