الثلاثاء، 28 يناير 2014

طُهرُهَا وَالصّلَاة~

حكايتي اليوم وعدتكم بها قبل عام! ومنذ العام وأنا أحاول أن أصوغها بشكل يناسبها، ولكن لا أجد!
سأجتهد اليوم، وصدقوني أن ما أكتب عن هذه الحكاية ليس كإحساسي حين مشاهدتها، فالإحساس لا أستطيع أبدًا نقله في تلك الحالة!
البَتُول* ، فتاة في ربيعها الخامس**، تلعب دومًا مع أختها وبنات خالتها وأخوالها، لكنها دومًا "المستضعفة" فيهم، لا لشيء سوى عاطفيتها، أكون دومًا -حين أكون معها- ملجأً ومحميةً عظمى لها من استضعافها من قبلهم، فتبكي أحيانًا ثم يسكنها فرحها بي، طهر كطهرها لم أشهده، تهدئها حين يستفزونها قطعة حلوى أو قبلة دافئة على وجنتيها الحمراوين، أو حتى كلمة طيبة أو حضن!
مرةً حين كنّ يلعبن نادى المؤذن لصلاة المغرب، وبينما كنت أنتظر دوري للوضوء حدثت الحكاية أمامي، قررت هَجُود (أختها التي في عامها العاشر) وابنة خالتها صَفِيّة التي في السن نفسه القيام للصلاة، فطلبت منهما البَتُول مرافقتهما وأداءها معهما، فرفضتا وبدأتا يستفزانها لأنها لا زالت صغيرة والصلاة ليست لها، فتوسلت إليهما بكل ما أوتيت من صوت فلم تجيباها إلا بأنها صغيرة ولا تجب عليها الصلاة، وانصرفتا لتصليا وتركتا البتول في وسط توسلاتها، وهناك بدأ قلبي بالخفقان، حين بدأت البتول بالبكاء الحارق، تعودت سماع بكاء البتول حين كن يمنعنها عن اللعب لأن دورها قد فات أو لأسباب أخرى، لكن لم أرَ في حياتي البتول تبكي بهذه الحرقة والألم! تنوح كثكلى اغتيل زوجها بهتانًا، أو كأم ترى ولدها يجر نفسه إلى النار! حاولت احتضانها ووعدها بأجمل الحلوى، والقسم لها بأنني سألعب معها حتى تشبع، وسأعطيها كل ما تريد، لكن أيًا من ذلك لم يسكنها ولو قليلًا، هي تريد أن تصلي!
انقضت الصلاة وعادت الفتيات للعب، ولكن البتول لا زالت تبكي بالحرقة والألم ذاته، حاولت أمها وخالتها وجدتها تهدئتها فلم يهدئها شيء، كيف يمنعونها عن الصلاة؟!
انقبضت قلوبنا جميعًا حين رأينا فرط بكائها وطول مدته حتى قرب أذان العشاء***، حتى ظننا أنها ستسقط مغشيًا عليها من كثر البكاء! ولا شيء يهدئها بتاتًا، حاولت بعد أطنان المحاولات في تهدئتها أن أقول لها أنك ستصلين معي، والله سيحب صلاتك، حينها فقط بدأت تسكن، وتوجهت لتتوضأ، ثم تصلي بجانبي!
ما أقول عن هذا الشعور؟ أو عن موقف من طفلة في الخامسة؟
أجربنا ذرة حزن حين تفوتنا الصلاة؟ وماذا عن نَوح طفلة لم تبلغ حتى سن بدء تعليم الصلاة؟
لا أعرف حتى ما أقول أو ما أطرح من أسئلة بعد هذا الموقف الذي هزني من الأعماق!
أرجو أن تصل الرسالة، وأن تتعلموا من طهر البَتُول كما أتعلم منه دائمًا!
هنيئًا لكِ أم هَجُود كتلة الطهر هذه، وهنيئًا لكِ هذه التربية، أرى في بنتيك رفعة الإسلام حقًا، أراهن من الذين سيعيدون للإسلام عزته بإذن الله!

البتول وطهرها، تصوير أختي الجميلة
_____________________________________
*البَتُول بنَت زَاهِر بن عَبدالله الحَارِثيّة، ابنة ابنة خالي.
**كان عمرها لحظة حدوث الموقف خمس سنين، والآن عمرها ست أو سبع سنين.
***أو ربما أذن! لا أذكر تفصيلًا.

هناك تعليقان (2):

  1. البتول الموحّدة الصغيرة .. أو كما يسميها الغرب "الفيلسوف الصغير"..

    حياكة جميلة ، وقصة في الصميم :)

    شكرًا يا صديقة^^

    ردحذف
    الردود
    1. الحمدلله رب العالمين، شكرًا لك سميتي ^^

      حذف