الأربعاء، 26 ديسمبر 2018

مذكرات طالبة جامعية 10

قلت عن نفسي: "تعب وإحباط يمشي على الأرض". أظنها كانت عبارة كافية لتشرح كل ما بي، من تعب نفسي ووخزات جسدية والجبل الذي أحمله في صدري ولا ينزاح. كلما حللت أخطأت؛ حتى أصبح الحل الصحيح يستحق زغرودة قبل الركض إلى السؤال التالي والوقت يمر بأسرع ما يمكن. مع كل إحباط ويأس في كل حل خاطئ؛ كانت نور تقول بصرامة: نحن نتعلم. مم نتعلم إن لم نخطئ؟ كنت مرتبكة لأنه يمر بسرعة؛ وفي داخلي أقول: الحمدلله أنه يمر بسرعة لئلا تنهشنا الدقائق بطولها. 

مر اليوم، انتهت قصة الكيمياء التي استنزفت مني على مدى فصل كامل الجهد والوقت والتفكير والنوم، كنت أردد كل آن: لقد استفرغت جهدي تمامًا يا رب، لا أملك ما أبذله أكثر. يا رب أعطني ولا تحرمني. اللهم لا بحولي ولا بقوتي بل بكرمك وحدك آتني سؤلي. 

كبرت وصرت في السنة الرابعة من الجامعة بعد سنين طويلة في المدرسة، ولم أزل لا أفهم كيف يجترئ إنسان على الغش، كيف له أن يترك ما آتاه الله كله ويعتمد على غير الله وهو خائف يترقب؟ كيف له أن يثق تمامًا أنه بذكائه سيدبرها وسينجو وينجح بامتياز؟ كيف له ألا يستشعر أنه مهما اجتهد فإنه ينسى في ثوان إن لم يعتمد على الله، فكيف إذا لم يبذل أصلًا؟ أنى سولت له نفسه أن ينسلخ بكل بساطة من منظومة الدين والأخلاق ويؤثر أن يبقى بعريه؟ لا زلت لا أفهم. 

بعد الاختبار المرهق وبعد استفراغ الجهد؛ لا يرد الروح سوى مشي في حديقة العلوم مع نور، والإقراء الذي أردته مع فاطمة ولم يحصل، والبيت الدافئ وأهلي، والغناء بصوت عالٍ مع أغنية أحبها تصل روحي بالله، وحضن المهنا وهبة. أتساءل دائمًا؛ حين نحتضن الصغار؛ هل يمنحوننا الدفء والحنان أم نمنحهم؟ كأن الأولى أقرب إلى الحق! 

كيف يمكن للإنسان ألا يبقى قويًا وهو محاط بأناس يقوونه ليل نهار؟ ذاك الحديث الطويل الذي أقول فيه أنني تعبت وأنني سئمت من محاولتي تحصيل الحد الأقصى من العلم في مادة مؤسِسة للتخصص كله بقراءة الكتاب العلمي الصعب أسلوبه لأيام طوال دون أن أشعر أنني أخرج بشيء يذكر، فتواسيني شذى وتقول لا بأس عليك. يا رب الطمأنينة والعلم؛ علمني. 

بعد تعب النفس وجوعها إلى الحياة، يوصينا الله بالجهاد أبدًا، وتقول صديقتي: غدًا تنهين وتقولين الحمدلله استطعت أن أتغلب على كل الظروف وأجاهد، وسترضيك القطوف بإذن الله تعالى. أثق أنه حق بإذن الله. 

هناك تعليق واحد:

  1. عوضكم الله درجات الدنيا بالاخره
    وفقكم الله على جهد لم يهدر عبثا
    اكرمكم الله بالعلم والمعرفه

    ردحذف