الثلاثاء، 2 فبراير 2016

إليك أنت الآخر، سأكون صديقًا صالحًا.

أنت الذي ما قرأت آية عن الأصحاب أو مر ببالك ذكر صديق إلا وجل قلبك وازددت إيمانًا بمعنى الصديق فخفت وسارعت إلى ترقيع ما بك من علل لتكون خير صديق، أنت الذي ما قصرت يومًا لكنك تراك خرقة بالية  على جسد غض فتسارع بترقيعها وهي الديباج والاستبرق والسندس، أنت الذي تضرب نفسك ضربًا مبرحًا إن شككت أنك لا تتخلق بأحد أخلاق القرآن فما تلبث إلا أن تعود قرآنًا، أنت صديقي الصالح. 

إليك حين يذكر الناس صديقًا سيئًا فتستعني، حين تطيل الجلوس معي بالآيات والذكر، وحين تصمتني عن أحاديث لا تجدي لتناقشني في موضوع مفيد، إليك حين أراك فيستبشر وجهي فتذكرني "وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة" ، وإليك لأن الهم مهما لاحقني كنت أنت جلاؤه حين أراك فأنسى شقائي. 

كيف أضيق والله أرسلك إلي هدية مغلفة لم أحسب يومًا أنني استحققتها؟ أنى لي الحزن وأنت ما تنفك تقويني وتذكرني بأوجاع الأمة وأنها لا تنقصها أوجاع لكي أكون أنا وجعها؟ أنى لي الشقاء وأنت في حياتي قرآن لا يكف عن الدعاء لي؟ وكيف خطر ببالي أن أخبو وأنت جذوتي وقبسي الذي لا يدع غافلًا ينطفئ؟

تالله وبالله إنك لمن آيات الله! حين تكون آيات تتحرك، حين تنافسني على القراءة، حين تعرض علي كل يوم فكرة ومشروعًا جديدًا يخدم الأمة، حين لا تعيش تنام وتأكل كما تأكل الأنعام. أعشقك حزينًا وأود لو لا تذهب عنك غمامة الحزن حين يكون أقصى حزنك جائع أو ثكلى أو يتيم، أعشقك سعيدًا بإنجاز أو بعلم جديد أو لأن والدك سعيدان! أحبك متزنًا لا تنغمس في وحل الدنيا ولا تعتزلها وتتمنى بالآخرة، أحبك فاهمًا أن الدنيا مزرعة الآخرة وأنك لن تجني جنانًا إلا إن زرعت نفعًا وأثمر. أحبك نافعًا.

كتبت إليك يا خليفة الله في أرضه، يا غيمًا ماطرًا، وأنا أعرف أنك أبدًا لن تدرك أنك مقصود لأنك ذو نفس لوامة لا تراك كما أراك، سواء عليك أتعظت أم لم تكن من المتعظين، لا أطفأ الله نورك ولا أراني فيك ذبول جذور في دنيا ولا أخرى، أحبك. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق