الأحد، 22 فبراير 2015

وإني لأعزي نفسي.

أنا الآن لا أكتب لأثير اهتمام أي أحد، ولا أرجو من أي أحد أن يقرأ ما أكتب، فقط أكتب لأسكت كل شيء يبكي. 
أعترف أنني لا أستطيع إيقاف جسمي من الارتعاش، ولا أن أكفه عن القشعريرة، ولا حتى أن أسكن ارتجاف روحي، إني لأعزي نفسي. 
"وتمددت ذات الجمال على سرير الغاسلة"،
وارتخت الأطراف، وتلاشى البياض إلى ازرقاق، وجحظت عيون كانت بالأمس في التماع، كانتا تضيقان حين الفرح والأسى، أما الآن فهما أضيق مما كانتا أبدًا.
توقف النبض ولم يجرِ الدم ولم يهضم طعام ولم تبسم عيون ولم يفتن جمال، اختفى كل شيء. 
لم يجرِ دمع، خفت الصوت، طارت الروح، ووصدت الأبواب في الوجوه. 
"ماما هذا حال عموه بشرى؟"
كان هذا كل ما يعلمه طفل عن عمته، يعلم أن تلك الأشياء التي وضعها أهلها -لعلها تنفعها- هي لها، وكل ما قيل في تلك الليلة أن جمالها فاتن وهنيئًا لمن يرى فرحها كل يوم، كل شيء فجأة تلاشى!
لم أستطع أن أرفع عينيّ، كنت أستجير بتقليب عينيّ في الأرض لعلها تجيد تهدئتي، كيف اختفت وهي أخبرتني بالأمس أنها تشتاق إلي وترجو زيارتي بشوق، كيف ارتقت وهي استقبلتني قبل أمس بأحضان وضحكات في بيتهم؟ استقبلتني أختها اليوم بدموع، هالة لماذا تبكين؟
أنا فقط لا أستطيع أن أفهم كيف أهنأ وأنا حين أطرف قد تنطبق عيناي للأبد، كيف أنسى وأنا كنت أتسامر مع أحب الناس إلى قلبي ثم أبيت في الفراش ويبيتون في القبر؟ كيف أصبح وأمسي وأنسى كل معنى للحياة وأنا إن نسيته كان موتي هولًا؟ كيف آسى على قوم راحلين ثم ألهو وكأن الموت لا يعنيني؟

بشرى؟ جعلكِ الله بشرى تطمئن بك قلوبنا فنشتاق للحاق بك، طيّب الله مثواكِ وأراح مرقدك وسكّن نفوس أحبتك، يا رب بشرى، إن الجنة تليق بها فأسكنها وألحقنا بها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق