الاثنين، 8 سبتمبر 2014

ثرثرات لا تهمكم ٢

بعد فترة كان فيها إلزامًا ألا أكتب، قررت أن أزيح المشبك العالق في أنفي وفمي ؛ لأتنفس .
أنا طفلة قررت أن تكتب لأنها تحب أن تكتب، لا لأنها تعرف عمَّ تتحدث وإلى من توجه حديثها!

 عمومًا ، زواج إخوتي الثلاثة في وقت واحد واشتغالي بفوضى إعدادات الزواجات يجعلني أتفكر عميقًا، هل سيتزوجون لينجبوا ثم يوبخوا أولادهم ويتعبوا في الإنفاق عليهم ثم يكبروا وينفقوا هم عليهم ثم يموتون فحسب؟ أم سيكون أحد ذراريهم من سيشعل في العالم أنواره بفكرة وعقيدة؟ هل سيذهب تعب إعداد الزواجات سدى؟ هل يعلم الله مني إخلاصًا ونية حتى يخرج من أصلابهم من يزهر الأرض ويعمرها؟ أم سخافات الدنيا تطغى عليَّ فلا أدري كيف أو ماذا أنوي ولا أتصرف! عمومًا فرحي في زواجات إخوتي كان فرحًا مفرطًا، تراكضي وجنوني وحتى الأغاني والطرب كان فرحًا بجرعة زائدة استعدادًا لما سيواجهنا من ألم جهاد عام كامل، ربما الرقص كان إعلانًا عن فرح أمل بتجاهل كل ما سألقاه مما يسوءني، كلهم لا يعلمون سر انتشائي وجنوني، "لا يعلم أحد شعورنا تمامًا إلا الله" .
إغلاقهم جميعًا لهواتفهم وتجربة العيش في عالم نتن لوحدنا حقًا مزرية ، استشعار معية الله وحده فحسب هو ما يجعلنا نتنفس . أسوأ ما في التجربة هو محاولتي أن أجمِّل ذاك العالم في عينيّ لأعيش، وكيف سأثور وأغيره ما لم أرَه بسوئه القذر؟ أنا حقًا لم أعد أدري كيف أوفّق بين بقائي حية والمحافظة على النظرة الواقعية لبيئتي بالغة السوء ! أمامي مشوار طويل يجب عليّ أن أبقى فيه حية بكامل كياني، أمامي حلم كبير لأحققه .
أستطيع أن أستشعر الآن حجم النعمات التي تتهاطل عليّ كل حين، على ذكر النعم، نعمة عظيمة أنك تستطيع أن ترى شخصًا جيدًا كل يوم -ولو على بُعد- ، ربما من شكر النعمة أن تقترب منه وتكون صديقه، أو على أقل تقدير تحادثه كل يوم ! حسنًا إن كنت لا تريد ذلك فلا بأس، ولكن رؤيتك لذاك الإنسان بحد ذاته نعمة عظمى! أن تراه يشابهك في نفعك وبعدك عن السوء، أن يملك إيمانًا يشابهك، وعقلًا قريبًا إلى الفطرة والفكر السليم، أن تراه يتصرف كإنسان بمعنى إنسانيته، أو كخليفة في الأرض، خذ كلامي وأنا أختك، هذه أعظم نعمة . كنت أقدسها ولكن كأنني فقدتها بغيابهم .
بينما كنت أحادثها عن هذا الموضوع، كنت أبالغ في تقديس الأشخاص الجيدين حولها وتحريضها على أن تكون صديقتهم، أدركت بعدها أن تحريضي المبالغ فيه غباء، ربما لأنني أحمل فوق كاهلي ثلاثة عشر روحًا من أبناء إخوتي، ليس علي من طعامهم ولا شرابهم ولا لباسهم ولا معيشتهم من شيء، ولكن ما داموا في البيئة النتنة ذاتها، أو مستنقع الوحل الذي أحاول ألا أغوص فيه، إذن عليّ أن أنتشلهم بقوة مما نحن فيه، بصفتي أكبرهم وعمتهم -وخالتهم أحيانًا-، المهمة جدًا صعبة بحق، كونك غريبًا ربما يُحتَمَل، لكن محافظتك على ثلاثة عشر روح في غربة؟ صعب. وأوقن أنه ليس مستحيلًا بإذن الله . 
وصاياي لابن أختي الذي يصغرني بعامين أدرك تمامًا أنها بالغة الصعوبة في التنفيذ، وأدرك حجم الثقل الملقى على كاهله، أتيقن أنها ستربيه وتقويه، أرجو أن تكون حقًا كما أوقن لا أن تكون سبب هلاكه، في الحقيقة لو كان بيدي لحملت كل الثقل عن الثلاثة عشر ولا أبالي، لكن يجب عليهم أن تعلمهم الحياة، وكما أقول لعيسى : "دائمًا الغرباء هم الذين يصبحون عظماء، طوبى للغرباء 💗 :") " .
واقعنا الكئيب عامةً وواقع استحمار الطلاب في بعض مناهج المدارس خاصةً يجعلني أشمئز وتضيق علي نفسي، أنا أدرك أن هذا الضيق ذاته سيغير العالم -بإذن الله-، لكن لا أدري لمَ أنا حزينة عجولة كثيرة الشكوى! أوقن أن غدًا أجمل بإذن الله . 

هناك 5 تعليقات:

  1. أحييك يا خالتي على هذه الكلمات الجميلة والمفيدة للجميع

    وأبارك لخالي وخالتاي وأتمنى أن يعيشوا في سعادة أبدية

    إحتفاظك بثلاثة عشر روحا ليس بالأمر الصعب عليك ولكن هذا سيأخذ وقتا كبيرا من وقتك لانه عليك ف البداية إخراج بعض الأفكار من أدمغتهم وبسبب التشتيت المستمر على عقولهم سيكون ذلك الأمر صعبا لجزئهم الأصغر والكبار تستطعين أن تفهميهم بالكلام وأنا إن شاء الله سوف أساعدك وأساندك لفعل ذلك

    وإن شاء الله سوف أعمل جاهدا لتحقيق كل وصاياك لي

    وأسأل الله التوفيق و النجاح. للجميع في الدنيا والآخر

    تحياتي لكم محبكم ومحبكي: :
    أبن أختك عيسى البراشدي

    ردحذف
    الردود
    1. يا رب عيسى وإياك :")
      تعليقاتك تزهرني حقًا .
      وهل سيرفض أحد سندًا مثلك؟ بالتأكيد أحب مساعدتك، وأعشق رؤيتك وأنت تصلي الظهر جماعةً مع القلة الذين يصلون <3
      حفظك ربي وثبتك

      حذف
  2. السلام عليكم ، هل يوجد لديكي حساب في الإنستيجرام ؟؟؟؟؟؟؟

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نعم رابطه موجود في مدونتي إن فتحتها من إصدار الويب :)

      حذف
  3.  "أنا حقًا لم أعد أدري كيف أوفّق بين بقائي حية والمحافظة على النظرة الواقعية لبيئتي بالغة السوء! "


    العبارة بين التنصيص لمست صميم الفؤاد


    تعرفين ؟
    حتى كلماتك هذه تبعث الأمل وتقلل من سوء الحياة
    لحد لا يوصف =]

    ردحذف