الاثنين، 21 يوليو 2014

رَمَضَان تطبيق لا قيَام ليل وصيَام نهار مجرّد .

كلنا نعرف أن رمضان أجمل الشهور، رمضان نزهة الروح، رمضان شهر العتق من النيران والمغفرة العظيمة، كل العالم يعرفون ذلك، هذا ليس محور جدل، الجدل الحقيقي حول التطبيق!
أكبر مشكلة تواجه الأمة الآن ليست المعرفة، كل العالم يعرفون؛ المشكلة الحقيقية هي مشكلة مساواة المعرفة بالواقع! المشكلة الحقيقية في التطبيق الواقعي .
أعرف إنسانًا يحفظ القرآن بأكمله وعالم بعلوم الدين، وهو أبعد الناس عنها! هو لم يستطع مواجهة أعظم تحدٍ للبشرية، لم يكن قويًا بما يكفي! هلّا كنا أقوياء؟ 
فلنسل أنفسنا كم معلومة نحفظ؟ ثم كم نطبق في حياتنا؟ رمضان شهر العتق؛ فلنكن أهلًا للعتق! هلّا تركنا التغني بالدعاء وتفعيل الدعاء في حياتنا معدوم! هو كله ”أَيّامًا مَعْدُودَات“؛ انفض غبارك وانتفض، كون الله يحتاجك.
فلندع كل ما يدعو للتراخي في رمضان ولنفزع عرض أعمالنا كي نعد لها، ألم تر كيف مد ربك عمرك إلى الآن؟ أفلا تشكر أن الله لا زال يحيطك بلطفه أكثر من أي شيء؟ كم من مرة لم تستطع الاعتناء بنفسك فاعتنى الله بك عناية خاصة؟ أفلا تشكر؟! ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج ، ومن أدلج ، بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، إن سلعة الله الجنة»
رمضان لا يحتاج منا لعلم بوجوب الصيام واستحباب تكثيف العبادة فيه والاعتكاف، رمضان يحتاج منا أرواحًا قوية تستقوي بالله بالصيام وتهذب نفسها بكف شهواتها وتطبق ما تعلمه حقًا، ألم تر إلى ربك كيف قوى أمة من قبلنا بأنها صامت وقامت وعبدت ربها حقًا؟ كان قلب أحدهم كقلوب أمة تامة؛ قلبه كقلوب مليار من البشر الذين يسمون أنفسهم مسلمين. هكذا قلب مسلم لله رباه ربه بصيام رمضان، الله دومًا يربينا أن نجعل قلوبنا لا تحمل هم طعامها وشرابها ونومها، بل تحمل هم أمة بأكملها، هلّا سمحنا لرمضان بأن يحمّل هم أمة على عواتقنا؟ فلنمتثل لتربية الله العظيمة ولنعش رمضان!
رمضان ليس كلمات جامدة نحفظها ولا أدعية نرتلها، ولا حتى آيات نسارع بختمها، لو مكثت شهر رمضان تتأمل آية واحدة وتطبقها وتستغل رمضان لتهذيب نفسك وتربيتها لكفتك. تأمل أحوال أقوام هزموا رمضان ولم يهزمهم بجعلهم ضعفاء بالصيام! وأنت تقرأ سيرتهم وتتأملها ستستشعر أن رمضان كان يخجل من قوتهم العجيبة، أما الآن فأظنه يتوارى من القوم من سوء ما بُشِر به من حال الصائمين؛ لا أقصد الصائمين بل أقصد الذين يكفون الطعام والشراب في النهار ليأكلوا أضعافه ليلًا وهم سامدون؛ ”كأنه سجن أقفل على شيطان يمسكه إلى الصبح، ثم يفتح له لينطلق معمرًا، أي مخربًا... أو هم جسم جبار كفر بالله وبالإنسانية ولم يؤمن إلا بنفسه وحظوظ نفسه فمسخه الله بناء، وأحاطه من هذا الظلام الأسود بمعاني آثامه وكفره...“* . إن لم تطق سماع سير السابقين فابحث مليًا في حقيقة الصيام أنه تهذيب، أنك تجوع لتصبح إنسانًا مسلمًا بكل المقاييس، إنسانًا يستحق الجنة!
إن لم ترتقِ صحتك ونفسك وروحك في رمضان؛ وإن لم يكن رمضان زادًا لعام وعمر، أو إن لم يكن حالك في رمضان كحالك في غيره، فراجع نفسك مليًا، وتذكر أن الله ليس له حاجة في أن تدع طعامك وشرابك!


______________________________
*وحي القلم، ج1 مقال (أحلام في الشارع)



مقال كتبته منذ بداية رمضان بعد أن طلبوا مني الكتابة في إحدى الصحف، بفضل الله  نشر اليوم وإن كان متأخرًا نوعًا ما 😅

هناك تعليقان (2):

  1. صَحيح ما تقولين يا خالتي
    وأنا أضيف إلى كلامك أن رمضان محطة وفرصة تكون مرة واحدة في السنة فهو جنة الأشهر كلها مهما كان ويجب علينا أن نتوقف في هذه المحطة للتزود بالحسنات والمعلومات و أن نستفيد من نهاره ولا ننام بكثرة ومحاولة الإكثار من الطاعات

    تحياتي لكم واوصيكم بأن تنتبهوا في صيامكم للطاعات ولاتفرطوا فيها لأن أجرها وقت الصيام أكثر

    ردحذف
    الردود
    1. بارك ربي فيك وأنبتك نباتًا حسنًا عيسى ^^

      حذف