الاثنين، 11 مارس 2019

مذكرات طالبة جامعية 13

هل أستطيع أن أقول شيئًا بعيدًا عن بطني الذي يشتكي ويصرخ؟ أم أنا ملزمة بالانصياع إليه؟ كيف أفهمه أنني لا أجد له في أرجاء الجامعة طعامًا إلا مغمورًا بالزيت أو سكريًا أو نشويًا أو ذا دجاج لا يوجد ما يثبت أنه حلال؟ كيف أفهمه ألا يغتر بكونه في الجامعة الحكومية الوحيدة في عمان، وأن يجوع أو يأكل بصمت؟ لا أدري.

رغم التعب والألم؛ يظل العلم الهدف السامي الذي يستحق بذل كل شيء في سبيله. وإن كنا نحترق؛ إلا أننا نخرج عطرًا يصنعنا وينضجنا. خيبة وراء خيبة، كبوة بعد كبوة، ننهض أقوى، أصلب، وأكفأ. في كل يوم في الجامعة تجد نفسك أنضج من الذي سبقه، ومع كل فصل ومادة تجد نفسك أفهم وأوسع مدارك. أؤمن أن المعدل ليس كل شيء؛ بل هو فهمك وفكرك. 

لكل الأحلام والشغف والطموح، لكل الأشخاص الذين نقابلهم فنقتبس من علمهم أملًا في أن نكون مثلهم، لكل صديق ربّت على أكتافنا، حزن لحزننا، فرح لفرحتنا، وقف معنا، سند ظهورنا، ذكرنا بهدفنا الأسمى، وزجرنا حين ضعفنا، لكل من شاركنا همومنا وأحلامنا، لمن تقاسمنا معه الطعام والحب، لمن شد أزرنا وشاركنا أمرنا، لكل الأماكن التي تحوي ألف ذكرى، لكل الأشخاص الذين لم نعد نراهم في أماكن كانت تجمعنا، لكن الأثر والحب باقٍ، لكل موظف مخلص، لكل معلم مربٍ مرشد ملهم، لكل عامل وعاملة يلهموننا الأمل والكفاح، لكل شجرة وطير وزهرة، ألف سلام. شكرًا لأنكم جزء من حياتي. 

مرحلة الجامعة هي التي تصقل الإنسان حتى تظهره على حقيقته. هي التي يخلع الشاب فيها الثياب التي ألبسه إياها أبوه، وتسريحة الشعر التي اعتنت بها أمه، ويضع عنه الكتب التي لقنه إياها معلمه؛ ليخرج بعقلية تمثله هو لا غير. هي المرحلة التي رأينا فيها مظهر الإنسان ينقلب في بضع سنين ليصبح حسب قناعته دون تأثير خارجي؛ فإما خير وإما شر. هذه المرحلة هي التي كان يقول عنها د. سيف أنك إن أردت أن تتبنى فكرة فيها فابحث واسأل وحاور وتفكّر سنين ثم ارسخ على مبدأ وفكرة. هذه المرحلة التي نحاول أن نستغلها في الفهم والعلم والقراءة والمحاورة لنفهم، ولنبني رؤانا الخاصة للعالم. هي المرحلة التي تزيدني نضجًا يومًا بعد آخر، وتقلب أفكاري يمنة ويسرة لأرسخ على مبدأ. 

للمدة الذهبية في الحياة؛ سلام، وبعد، أحاول أن أستغلك وأن أبذل كل طاقاتي في أنشطة ومحاضرات ومرح بعيدًا عن الدراسة، أحاول أن أحصّل الحد الأقصى من الخبرة والفهم، وألا أضيع في هذا دون أن أعتني بنفسي وأهلي وعقلي وجسدي. أجاهد لئلا أخرج منك إلا مستنفذة لكل ما يمكنني فعله فيك. مهما قسوتِ وأتعبتِ، أعلم أنك الذهبية في الحياة. سلام. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق