الأحد، 23 أغسطس 2015

أنتَ الحياةُ؛ باختصارِها.

موحشةٌ كل الدروب بلا رفيق. أتتخيل معي الوحش الذي يخشاه الأطفال ويهربون منه فزعين باكين؟ تلك هي الدروب بلاك. رغم ازدهاره حدائق ذات بهجة، لا يبدو جمالًا دون أن نرى الله فيه، دون أن أنغمس في لذائذي فتبتسم مذكرًا إياي بآيةٍ لله، فأنتفض كعصفور مسه البلل انتعاشًا، شكرًا لله عليك.

صديقي هو الإنسان الذي يخفف عني ثقل الحياة وأخففه عنه، هو الإنسان الذي يذكرني بالله طوال الوقت وخاصةً إذا كنت على وشك الكفر، هو الإنسان الذي أكون عنده في قمة عفويتي بلا أن أحاذر من نظراته إلي ولا مشاعره حين أتكلم، صديقي هو الذي لا يلزمني أن أكلمه كل يوم؛ لكنني إن كلمته أتكلم بانطلاق وعفوية فيرد علي بنفس اللهفة والحب ولو انقطعنا لشهرين، هو الإنسان الذي يقدرني ويقدر ظروفي مهما كانت ولو كان الانقطاع عنه خيرًا لي يشجعني عليه؛ وأقدره وأبادله كل هذا، هو الإنسان فاهم الصداقة لا على أنه نصف وأنا نصفه الذي يكمله لأننا لم نخلق أنصافًا؛ بل على أساس أنه فرد وأنا فرد مهمتنا أن نقوي بعضنا ونستند على بعضنا. صديقي هو الذي لا يجبُ أن أكون حاضرًا معه ماديًا ليحبني ويذكرني بالخير، المهم أنه يعرف أنني بخير وأنني لو أستطيع لفعلت له كل ما يحتاج إليه. صديقي الحقيقي هو الذي لا ينفكُّ يأخذ بيدي إلى الله مؤديًا هدف خلقي بقوة وإن كنت على وشكِ الاستحالة إلى رماد.

أتذكر تلك المرة التي كنت أصر فيها على تعليمك السباحة وأنت تأبى وتحكي لي فشل كل الأصدقاء في تعليمك؟ تلك المرة التي كنت أمنعك فيها عن الاستمتاع بالماء حتى تتقن السباحة ويقول لي كل الناس دعه يستمتع حرامٌ عليك؛ كنت أوقن في داخلي أن المتعة الحقيقية ليست في المكوث في الماء باسترخاء وجبن، كنت أريدك أن تتمرن كيف تهزم خوفك وغرقك، في كل تلك المرات التي كنت تقول لي كفى! أنفي خنقه دخول الماء إليه! هذا مؤلم! أقول لك: كلا. لن أكف حتى أراك تسبح. لم يكن الموضوع ملخصًا في سباحة تمارسها في كل عام مرة أو مرتين، كنت أحاول أن أدربك لتقاوم الحياة بكبرها وتحديها، كنت أحاول ألا أجعلك تستسلم إذا خنقتك وآلمتك في أنفك، ولا تخنع لعدم قدرتك، وأن تسارع في تحريك رجليك لتنجو من الغرق!

صديقي، أنت الذي أسارع في انتشاله من حلكة الظلام ليعينني على الإمساك بالنور، أنت الذي ما بكيت وما ضحكت كنت بالقرب تشارك، أنت الذي كنت أختلق معه أسبابًا للضحك وإن كنا نتساخر من بعضِنا مزحًا ، أنت الذي إن كنا في جماعة نظرت إليك ففهمت خبايا كلامي وهم لم يفهموه، أنت الذي أبحث عنك بين الجموع لأنال الطمأنينة لأنك قريب. أنت الذي أحبني الله بأن قربني إليك.

انظر إلى عينيّ وعاهدني ألا تكون لي إلا خير رفيق، أن تذكرني كلما نسيت، وأن تملأ وقتي ذكرًا وآيًا ونقاشًا مفيدًا ترقيني به. تركتُ كلَّ العالم الذين قد تضحكني سوالفُهم واخترتُك أنت لترفعَني بتسبيحه وذكرِه كثيرًا؛ فكن.

هناك تعليق واحد: